للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في هذه المهمة الشاقة على صعوبتها وما يحيط بها من أخطار، فالرجل بعيد عن قاعدة الإسلام: المدينة، وهو في مَنَعة من قومه وحصونهم وحلفائهم من غطفان، ومن أجل ذلك تخيَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالاً منهم فيهم بعض الشروط المناسبة لهذه المهمة الصعبة، فكان عبد الله بن عتيك رضي الله عنه١ قائدًا لهذه السرية حيث تذكر بعض المصادر أنه كان يتقن العبرية بطلاقة –إضافة إلى صلته السابقة بأبي رافع٢. واهتمت روايات أهل المغازي بتسمية بقية أفراد السرية على خلاف بينها في بعضهم٣، وقد اختلف أهل المغازي في تاريخ هذا البعث اختلافًا كبيرا فروى البخاري تعليقا عن الزهري قال: "هو بعد كعب بن الأشرف"٤. أما ابن إسحاق الذي أخذ روايته عن الزهري، فحدد


١ عبد الله بن عتيك بن قيس بن الأسود بن بري بن كعب بن غنم بن سلمة بن الخزرج الأنصاري، لا يختلفون أنه شهد أحدا وما بعدها، وأظنه شهد بدرا، روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقُتل يوم اليمامة شهيدا في خلافة أبي بكر سنة ثنتي عشرة، وقيل: بل شهد الصفين مع علي رضي الله عنه. خليفة بن خياط، طبقات (١٠٣) ، وابن عبد البر، استيعاب، هامش الإصابة (٢/٣٦٤-٣٦٥) ، وابن حجر، إصابة (٢/٣٤١) .
٢ ذكر ذلك الواقدي، وكاتبه ابن سعد رواية عن جمع من شيوخه، منهم الواقدي. وذكر خليفة أن أم عبد الله كانت بخيبر، ولكن الواقدي ذكر أنها أمه من الرضاعة.
انظر خليفة بن خياط، الطبقات (١٠٣) ، والواقدي، مغازي (١/٣٩١-٣٩٢) ، وابن سعد، طبقات (٢/٣٩٥) . وربما يؤيد رواية الواقدي وابن سعد ما وقع في روايات الصحيح من أن عبد الله بن عتيك رضي الله عنه حينما دخل على أبي رافع وضربه، ثم رجع إليه كلَّمه كهيئة المغيث، وتكرر ذلك منه مرارا، ولا يمنع أن يكون الحديث بينهما باللغة العربية التي يتقنها أبو رافع، ولكن ما عرف من خبث اليهو د وحذرهم الشديد وجبنهم يجعلنا نستأنس بهذه الروايات على ضعفها. والله أعلم.
٣ اتفق أهل المغازي في أسماء ثلاثة منهم، هم: عبد الله بن أنيس، ومسعود بن سنان، وأبو قتادة. انظر روايات الزهري عند كل من عبد الرزاق، المصنف (٥/٤٠٧-٤٠٨) ، وعند ابن إسحاق الذي أخرج روايته ابن هشام، سيرة (٣/٢٧٤) ، والبيهقي، دلائل (٤/٣٤) ، وانظر الواقدي، مغازي (١/٣٩١) ، وابن سعد، طبقات (٢/٩١) ، واختلفوا في الرابع الأسود بن خزاعي، فقلبه بعضهم، وسماه البعض أسود بن حرام، وآخرون أسعد بن حرام. انظر بالإضافة إلى المصادر السابقة عمر بن شبة، تاريخ المدينة (٢/٤٦٥) ، والبيهقي، دلائل (٤/٣٩) ، وابن حجر، فتح (٧/٣٤٣) ، وإصابة (١/٣٤-٤٢-٤٣) ، والشامي، سبل (٦/١٦٨-١٦٩) ، وذكر في الصحيح أن فيهم عبد الله بن عتبة الذي وقع الخلاف في اسمه أيضا. انظر ابن حجر، فتح (٧/٣٤٣) ، ومغلطاي قلج، الزهر الباسم في سيرة أبي القاسم (٢١/٩) ، والشامي، سبل (١٦٣-١٦٧-١٦٨) ، والزرقاني، شرح (٢/١٦٥-١٦٦) ، وزاد حماد بن سلمة في روايته فيهم أبيض بن أسود في رواية عمر بن شبة عنه. تاريخ المدينة (٢/٤٦٣) ، وبالقلب: أسود بن أبيض في رواية ابن حجر عنه، إصابة (١/٤١) . كما وقع خلاف في نسب عبد الله بن أنيس، والظاهر أنه جهني أصلا، أنصاري سلمي جزرجي حلفا. انظر ابن حجر، فتح (٧/٣٤٣) ، والشامي، سبل (٦/١٦٨) .
٤ ابن حجر، فتح (٧/٣٤٠-٣٤٢) ، وقد وصله يعقوب بن سفيان في تاريخه عن الزهري (قاله ابن حجر، ولم أجد ذلك في كتاب التاريخ المطبوع) ولم يكن مراد الزهري رحمه الله أنها كانت بعد قتل كعب بن الأشرف مباشرة كما يتوهم من النص، وإن كان البعض ظن ذلك فوضع لها تاريخا بعده مباشرة. انظر الزرقاني، شرح المواهب (٢/١٦٥) .

<<  <   >  >>