يعتريه الغضب والحزن والتأثر لمصاب أبنائه وأقاربه، ولكن ذلك لا يخرجه عن طوره ولا يطغيه عن الحق، فغضبه لا يعدو لحظات يتراجع بعدها، فيفيض رحمة ورأفة، فها هو بعد أن يصدر أوامره الشريفة لأصحاب السرية بتحريق الرجلين قصاصا لما ارتكبوه من محاربة الله ورسوله، يتراجع عن ذلك فينهاهم عن التحريق، لأن النار لا يعذب بها إلاَّ الله عز وجل.
وفي ذلك أيضا أدب رفيع مع الله سبحانه وتعالى وتواضع له.
ثم ها هو عليه الصلاة والسلام يعفو ويصفح عن هبَّار رغم فظاعة وجرم ما ارتكبه، ومع من؟ مع أقرب الناس إليه.
ولكن الغضب والحنق الشديدين يتحولان في لحظة إسلام هبَّار إلى رحمة وإلى تسامح وإلى فرح غامر بإسلام رجل كان كافرًا، محادًّا لله ورسوله.
وهذه هي تعاليم الإسلام السمحة التي تقول: إن الإسلام يجُبُّ ما قبله" يطبقها المصطفى صلى الله عليه وسلم بحذافيرها جاعلا عن نفسه القدوة لأمته، فيا له من موقف رائع عظيم مليء بالدروس والعبر.