للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحياة على وجهه ورأسه فرحا "الله أكبر، فزت وربِّ الكعبة"١.

ذلك المشهد العظيم والذي لم يعهده المشركون من قبل، جعل قاتله يسلم٢ متعجبا من رَدَّة الفعل التي لم يك أحد من الحاضرين يتوقعها من رجل يلفظ أنفاسه الأخيرة.

لم يكتف الأعراب بذلك بل تبعوا أثره حتى وجدوا أصحابه فأحاطوا بهم من كل جانب ودافع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عقيدتهم السمحة التي جاءوا لنشرها بين من غدروا بهم، ولكن هول المفاجأة وكثرة الأعراب المستعدين لخيانتهم المدبَّرة سلفا لم تتح لهم الفرصة في قتال متكافىء، فسقطوا شهداء على أرض بئر معونة إلاّ رجلا أو رجلين منهم٣، حيث سطروا بدمائهم الزكية ملحمة من أروع الملاحم الجهادية في تاريخ الإسلام بعد أن كسبوا رضوان الله عليهم.

فهذا الروح الأمين عليه السلام يخبر "النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد لقوا ربهم فرضي عنهم وأرضاهم"٤، قال أنس رضي الله عنه: "فقرأنا فيهم قرآنا ثم إن ذلك


= "ما يجد الشهيد من مسِّ القتل إلاَّ كما يجد أحدكم مسَّ القرصة".
انظر الألباني، صحيح سنن الترمذي (٢/١٣٣) ، وصحيح سنن النسائي (٢/٦٦٥) ، وصحيح سنن ابن ماجة (١٢/١٣١) . وقال عنه الألباني: حسن صحيح.
١ من رواية حيان في البخاري. انظر ابن حجر، فتح (٧/٣٨٦) .
٢ وقع في رواية أحمد عن أنس: "فلما كان بعد ذلك، إذا أبو طلحة يقول لي: هل لك في قاتل حرام. قلت له: ما له فعل الله به وفعل. قال: مهلاً فإنه قد أسلم".
البنا، الفتح الرباني (٢١/٦٥) وقال عنه: سنده صحيح ورجاله رجال الصحيحين. وقال ابن حجر: لم أعرف اسم الرجل الذي طعنه، ووقع في السيرة لابن إسحاق ما ظاهره أنه عامر بن الطفيل. لكن وقع في الطبراني من طريق ثالث عن أنس: أن قاتل حرام أسلم، وعامر مات كافرا. ابن حجر، فتح (٧/٣٨٨) .
٣ أورد أهل المغازي اسميهما، فعند ابن إسحاق: أنه عمرو بن أمية، ورجل من الأنصار من بني عمرو بن عوف. وقال ابن هشام: هو المنذر بن محمد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح.
كما ذكر ابن إسحاق: أن كعب بن زيد أخا بني دينار بن النجار ارتثَّ (أي رفع وبه جراح) من بين القتلى فعاش حتى قُتل يوم الخندق شهيدا. أما الواقدي فذكر أنهما: الحارث بن الصمَّة، وعمرو بن أمية، المغازي (٢/٣٤٨) .
٤ من رواية حفص عند البخاري. ابن حجر، فتح (٦/١٩) .

<<  <   >  >>