للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انطلقت البعثة في مسيرها الاقترابي بحذر يتقدمهم دليل من أهل المنطقة كما تذكر رواية مرسلة عن عروة١.

حتى إذا ما وصلوا بئر معونة –وهي منطقة تماس حدودية بين أراضي قبيلة بني عامر وحرة بني سليم- عسكروا بإزائها، ومن هناك بعثوا حرام بن ملحان رضي الله عنه٢ أحد أفراد البعثة إلى الأعراب في مهمة استطلاعية وتمهيدية لمهمة البعثة الأساسية، وذلك بمبادرة منه تطوعية إذ قال لهم: "أتقدمكم فإن أمَّنوني حتى أبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلاَّ كنتم مني قريبا"٣. فتقدم نحو البيوت بعد أن أمَّنوه حيث وجه خطابه لهم –كما وقع في رواية عن أنس رضي الله عنه فيها بعض الضعف٤ "يا أهل بئر معونة إني رسول رسول الله إليكم أني أشهد أن لا إله إلاَّ الله، وأن محمدا عبده ورسوله، فآمنوا بالله ورسوله"٥.

ولكن الأعراب كانوا أشدَّ كفرا ونفاقا وغدرا، فتنفيذا لخطة التآمر الدنيئة التي دبروها مع قائدهم عامر بن الطفيل العامري، وبينما حرام "يحدثهم عن النبي صلى الله عليه وسلم إذ أومأوا إلى رجل منهم فطعنه فأنفذه"٦، وفي منظر رائع لا يتصوره العقل البشري المجرَّد عن الإيمان، تتحقق إحدى معجزات النبي صلى الله عليه وسلم٧، فما أن وجد الرجل مسَّ الرمح في جوفه حتى صاح وهو ينضح ماء


١ وفيها: "وبعث معهم المطلب السلمي ليدُلَّهم على الطريق". انظر ابن حجر، فتح (٧/٣٩٠) .
٢ هو حرام بن ملحان بن مالك بن زيد بن حران بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، شهد بدر، وأحدا، وبئر معونة، وقتل يومئذ شهيدا وليس له عقب، وهو خال أنس بن مالك.
انظر ابن سعد، طبقات (٣/٥١٤) ، وابن حجر، إصابة (١/٣١٩) .
٣ من رواية حفص في البخاري. ابن حجر، فتح (٦/١٩) ، ورواية عند أحمد، البنا، الفتح الرباني (٢١/٦٤) .
٤ لأن في سندها محمد بن مرزوق، وعمرو بن يونس لم أعثر على ترجمتهما، وعكرمة بن عمار العجلي صدوق يعلط. انظر ابن حجر، تقريب (٣٩٦) .
٥ انظر الطبري، تاريخ (٢/٥٤٩) .
٦ من رواية حفص. ابن حجر، فتح (٦/١٩) .
٧ أخرج الترمذي، والنسائي، وابن ماجة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم =

<<  <   >  >>