للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حجرًا على صورة امرأة كما ذكر الواقدي١.

وظل هذا الوثن منصوبا تعبده هذيل وتعظمه حتى إنهم كانوا يحجون إليه٢ حتى فُتحت مكة ودخلت هذيل فيمن دخل في دين الله أفواجا.

بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية بقيادة عمرو بن العاص رضي الله عنه لتحطيم سواع.

ويحدثنا قائد السرية عن مهمته، فيقول: "فانتهيت إليه وعنده السادن، فقال: ما تريد؟، قلت: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهدمه، قال: لا تقدر على ذلك، قلت: لِمَ؟، قال: تُمنع، قلت: حتى الآن أنت في الباطل، ويحك وهل يسمع أو يبصر، قال: فدنوت منه فكسرته وأمرت أصحابي فهدموا بيت خزانته فلم يجدوا شيئًا، ثم قلت للسادن: كيف رأيت؟. قال: أسلمت لله"٣.

وهكذا تم القضاء على سواع الذي لم يجد من يدافع عنه بقوله: "ولا تذرن سواعًا".


=ويقول ابن الكلبي: سواع كان بأرض يقال لها رهاط من بطن نخلة بعيدة من مضر، ابن الكلبي، الأصنام (ص ٥٧٠) . ويذكر الشامي نقلا عن الجوهري: إنها قرية جامعة على ثلاثة أميال من مكة ساحل البحر. سبل (٦/١٠٣) .
قلت: لم يرد هذا الكلام في نسخة الصحاح المتداولة، ولعل الشامي اطلع على نسخة مغايرة. ويذكر ابن الكلبي في مكان آخر من كتابه "الأصنام" أنه كان برهاط من أرض ينبع. ابن الكلبي، الأصنام (ص ٩) ، وربما كان ذلك ذهولا منه فإن رهاط تقع بعيدا عن ينبع، ولا أدري كيف وقع ذلك التناقض منه رحمه الله حيث لم يذكر أحد وجود مكان في منطقة ينبع يسمى برهاط، كما أن ديار هذيل وهم أهل هذا الصنم وسدنته سابقا بعيدة عن منطقة ينبع. يقول البلادي: رهاط واد هو صدر وادي غران، ووادي غران يمر شمال عسفان على نحو (٨٥) كيلا من مكة شمالا، وكان من ديار هذيل، أما اليوم فهو مشترك بين الروقة من عتيبة، ومعبد بن حرب، البلادي، معجم (١٤٣) .
١ ذكر ذلك عن الواقدي الطبري. تاريخ (٣/٦٦) . وذكر ابن حجر أن هذا شاذ. فتح الباري (٨/٦٦٩) .
٢ ذكره عن الواقدي وابن سعد، الشامي، سبل (٦/٣٠٣) .
٣ الخبر رواه ابن سعد عن جمع شيوخه وهذا لفظه. طبقات (٢/١٤٦) . كما رواه الواقدي، مغازي (٢/٨٧٠) ، ونقله عنه بإيجاز الطبري، تاريخ (٣/٦٦) ، والشامي عنه وعن ابن سعد، سبل (٦/٣٠٣) ، والحلبي، سيرة (٣/٢٠٩) دون أن يشير إلى ذلك. وبهذا يكون الخبر ضعيفًا حديثيًّا، ولكنه يدخل ضمن نطاق الأخبار التي ذكرت بعث النبي صلى الله عليه وسلم بعض السرايا والبعوث لتحطيم الأصنام بعد فتح مكة، وسواع أحد هذه الأصنام، وبذلك يمكن الاستئناس بهذا الخبر تاريخيًّا. والله أعلم.

<<  <   >  >>