للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما سمع المغيرة رضي الله عنه السخف قال لقائد السرية: "دعني أحفر أساسها فحفره حتى أخرجوا ترابها وانتزعوا حليتها، وأخذوا ثيابها، فبُهتت ثقيف"١. وأدركت الواقع الذي كانت تحجبه غشاوة على أعينهم.

تقول عجوز منهم وهي تتأوه حزنًا وحسرة "أسلمها الرضاع وتركوا المصاع"٢.

وأقبل الوفد حتى دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بحليتها وكسوتها، فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه، وحمدوا الله عز وجل على نصرة نبيه صلى الله عليه وسلم وإعزاز دينه"٣.

وتم القضاء على ثاني أكبر طواغيت الشرك في الجزيرة العربية، وحل محلها بيت من بيوت الله عز وجل يوحد فيه الربُّ الذي لا إله إلا هو، وذلك بتوجيه كريم من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن أبي العاص٤ رضي الله عنه عامله على الطائف حيث أمره "بأن يجعل مسجد الطائف حيث كان طاغيتهم"٥ ٦ ولله الحمد.


١ أخرجه عمر بن شبة من مرسل الزهري. انظر عمر بن شبة، تاريخ (٢/٥٠٦) ، والبيهقي عن موسى بن عقبة واللفظ له. انظر البيهقي، دلائل (٥/٣٠٣) .
٢ الرضاع: جمع راضع وخو اللئيم، والمصاع المضاربة بالسيوف. ابن الأثير، نهاية (٢/٢٣٠) .
٣ أخرجه عمر بن شبة من مرسل الزهري. انظر عمر بن شبة، تاريخ (٢/٥٠٧) ، والبيهقي عن موسى بن عقبة واللفظ له. انظر البيهقي، دلائل (٥/٣٠٣-٣٠٤) .
٤ عثمان بن أبي العاص بن بشر بن عبد بن دهمان الثقفي، أبو عبد الله، نزيل البصرة. أسلم في وفد ثقيف، فاستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على الطائف، وأقره أبو بكر، ثم عمر، ثم استعمله عمر على عمان والبحرين سنة خمس عشرة، ثم سكن البصرة حتى مات بها في خلافة معاوية، قيل سنة خمس، وقيل سنة إحدى وخمسين، وكان هو الذي منع ثقيفا عن الردة، خطبهم فقال: كنتم آخر الناس إسلاما فلا تكونوا أولهم ارتدادا. ابن حجر، إصابة (٢/٤٦٠) .
٥ أخرجه أبو داود، سنن (١/٣١١) ، والبيهقي، دلائل (٥/٣٠٦) واللفظ له.
٦ خبر السرية من مراسيل عروة من طريق ابن لهيعة. انظر البيهقي، دلائل (٥/٢٩٩-٣٠٤) ، وهو من مرسل الزهري عن طريق موسى بن عقبة. انظر عمر بن شبة، تاريخ (٢/٥٠١، ٥٠٥-٥٠٧) ، كما رواه البيهقي عن موسى بن عقبة. انظر البيهقي، دلائل (٥/٢٩٩-٣٠٣) ، ورواه ابن إسحاق بلا سند. انظر ابن هشام، سيرة (٤/٥٤٠-٥٤٢) كما رواه الواقدي، مغازي (٣/٩٧٠-٩٧٢) .
وهكذا ترى الخبر مداره على أهل المغازي وأئمتهم، وقد اختلفت طرقهم وأجمعوا عليه. ومرسل عروة=

<<  <   >  >>