للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"لا ترى عامة ثقيف أنها مهدومة ويظنون أنها ممتنعة"١.

وكان المغيرة رضي الله عنه رجلا فيه دعابة وظرف فقال لأصحابه "والله لأضحكنكم من ثقيف، فضرب بالكرزين٢ ثم سقط يركض، فارتج الطائف بصيحة واحدة، وقالوا: أبعد الله المغيرة قد قتلته الربة، وفرحوا حين رأوه ساقطا"٣وقالوا مخاطبين أفراد السرية: "من شاء منكم فليقترب وليجتهد على هدمها فوالله لا تستطاع أبدا، فوثب المغيرة بن شعبة، وقال:قبحكم الله يا معشر ثقيف إنما هي لكاع٤ حجارة ومدر، فاقبلوا عافية الله واعبدوه"٥.

لقد كان المغيرة رضي الله عنه محقًّا في قوله ذلك، فالإنسان العاقل اللبيب لا يتصور أن يكون ربه حجرا أصم لا يعقل أو يسمع، ولكنها سخافة الجاهلية وأدرانها التي تذهب بالعقول اللبيبة، فالحمد لله على نعمة الإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

أكمل المغيرة بن شعبة رضي الله عنه ومن معه هدم الطاغية حتى سووها بالأرض، وكان سادنها واقفا على أحر من الجمر ينتظر نقمة الربة وغضبها على هؤلاء العصاة، فما أن وصلوا إلى أساسها حتى صاح قائلا كما يذكر الواقدي "سترون إذا انتهى إلى أساسها يغضب الأساس غضبًا يخسف بهم"٦.


١ أخرجه عمر بن شبة من مرسل الزهري من طريق موسى بن عقبة، انظر ابن شبة، تاريخ (٢/٥٠١-٥٠٥-٥٠٧) ، والبيهقي عن موسى بن عقبة. انظر البيهقي، دلائل (٥/٣٠٣) .
٢ الكرزين: الفأس، ويقال له أيضا كرزن بالفتح والكسر والجمع كرزان وكرازين. انظر ابن الأثير، نهاية (٤/١٦٣) .
٣ أخرجه عمر بن شبة من مرسل الزهري من طريق ابن عقبة. انظر عمر بن شبة، تاريخ (٢/٥٠٦) ، والبيهقي عن موسى بن عقبة، واللفظ له. انظر البيهقي، دلائل (٥/٣٠٣) .
٤ اللكع عند العرب: العبد ثم استعمل في الحمق والذم. يقال للرجل لكع وللمرأة لكاع، وقد لكع الرجل يلكع لكعا، وأكثر ما يقع في النداء وهو اللئيم، وقيل: الوسخ. انظر ابن الأثير، نهاية (٤/٢٦٨) .
٥ أخرجه عمر بن شبة من مرسل الزهري. انظر ابن شبة، تاريخ (٢/٥٠٦) ، والبيهقي عن موسى بن عقبة واللفظ له. انظر البيهقي، دلائل (٥/٣٠٣) .
٦ الواقدي، مغازي (٣/٩٧٢) .

<<  <   >  >>