والبعوث والتي هي نواة حركة الفتوح الإسلامية، وأصبح الذين شاركوا بالأمس في السرايا والبعوث مشاركين اليوم على رأس تلك الجيوش الفاتحة مقتدين نفس النهج، سائرين على نفس الطريق الذي رسمه لهم قائد الأمة المصطفى صلى الله عليه وسلم حتى تلك الأوامر والتعاليم النبوية صارت تتكرر على ألسنة الخلفاء وقادة جيوش الفتوح فيما بعد.
والآن ما هي تلك الوصايا؟
عن بريدة رضي الله عنه قال:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمَّر أميرًا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرًا ثم قال: اغزوا باسم الله في سبيل لله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغُلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا، وإذا لقيت عدوَّك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال، أو خلال فأيتهن ما أجابوك، فاقبل منهم وكفَّ عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكفَّ عنهم ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما للمهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلاَّ أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكفَّ عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم. وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك؛ فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا" ١.