للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعثًا عظيمًا من المشركين١ على ماء يدعى الأحياء من رابغ"٢.

وهناك حدثت أول مواجهة عسكرية بين المسلمين والمشركين "وهو أول يوم التقى فيه المسلمون والمشركون في قتال"٣ ولكن القتال اتخذ طابع المناوشة بالسهام فقط، فكان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه "أول العرب رمى بسهم في سبيل الله"٤ في تلك المعركة التي لم تستمر طويلاً إذ قرر الفريقان الانسحاب من أرضها.

وقد كان انسحاب المسلمين قويًّا ومنظمًا حيث انسحبوا في قتال (تراجعي تعطيلي) ٥ بواسطة حامية منهم تغطي انسحابهم حتى هبطوا ثنية المرة، وكان بطل هذا الانسحاب الناجح سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه الذي كان له الدور الأكبر في تشتيت وإحباط استعدادات العدو لشن أي هجوم مضاد وذلك بوابل من السهام المزعجة التي قذفها نحوه، والتي كونت (ساترًا دفاعيًا) مهد لانسحاب سليم منظم بالنسبة للمسلمين، وانسحاب متوتر مرعوب بالنسبة للمشركين، هذا وقد فر عتبة بن غزوان، والمقداد بن الأسود يومئذ إلى المسلمين وكانا في حبس قريش قد أسلما قبل ذلك، فتوصلا بالمشركين حتى خرجا إلى


=والبلاذري، أنساب (٣٧١) .
١ اختلف أصحاب المغازي في قائد المشركين حيث ذكر ابن إسحاق أنه عكرمة بن أبي جهل في رواية البكائي. انظر ابن هشام، سيرة (٢/٥٩١) ، وهو أبو سفيان بن حرب في رواية ابن بكير عنه البيهقي، دلائل (٣/١٠) وجزم بذلك الواقدي ومتابعوه. الواقدي، مغازي (١/١٠) ، وانظر جزم الواقدي بذلك عند الطبري. تاريخ (٢/٤٠٢) ، وابن كثير، بداية (٢/٢٢٣) وابن سعد، طبقات (٢/٧) ، والبلاذري، أنساب (٣٧١) ، وينقل ابن هشام في زياداته على ابن إسحاق من طريق أبي عمرو المدني: "أنه كان عليهم مكرز بن حفص بن الأخيف". ابن هشام، سيرة (٣/٥٩٢) .
٢ من رواية عروة والزهري عند البيهقي، دلائل (٣/٩) .
٣ من رواية عروة والزهري عند البيهقي، دلائل (٣/٩) .
٤ أخرجه البخاري واللفظ له. انظر ابن حجر، فتح (٧/٨٣، ١١/٢٨٢) وذكر ابن حجر عن الزبير بن بكار أن ذلك كان في هذه السرية، كما أخرجه الترمذي. انظر الألباني، صحيح سنن الترمذي (٢/٢٧٧) .
٥ القتال التراجعي: هو ذلك الوضع الكريه أثناء الانسحاب، عندما يكون القسم الأكبر من قواتنا قد فشل في تحقيق تراجع سليم، وتتورط قواتنا في قتال مع العدو أثناء التحرك للخلف: باهر عبد الهادي، مصطلحات عسكرية (ص: ٤٧) .

<<  <   >  >>