للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليهم عندما أعز الله جنده ونصرهم على أعدائهم من المشركين، فتفرغوا بذلك اليهود، وقذف الله الرعب في قلوبهم، وركبهم الذل والهوان حتى خرجوا من المدينة صاغرين.

ومما يستفاد في هذه السرية من الأحكام صحة الرواية بالمناولة أو الإجازة بالمناولة. قال السهيلي: "وترجم البخاري على هذا الحديث في كتاب العلم احتجاجا به على صحة الرواية بالمناولة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ناول عبد الله بن جحش كتابه، ففتحه بعد يومين، فعمل على ما فيه، وكذلك العالم إذا ناول التلميذ كتابا جاز له أن يروي عنه ما فيه وهو فقه صحيح"١.

قلت: قال البخاري في باب العلم: "واحتج بعض أهل الحجاز في المناولة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كتب لأمير السرية كتابا"٢.

قال ابن حجر: "هذا المحتج هو الحميدي، ذكر ذلك في كتاب النوادر له.

ووجه الدلالة في هذا الحديث ظاهرة، فإنه ناوله الكتاب، وأمره أن يقرأه على أصحابه ليعملوا بما فيه، ففيه المناولة ومعنى المكاتبة، وقد سوَّغ الجمهور الرواية بها، وردها من رد عرض القراءة من باب الأولى، وتعقبه بعضهم بأن الحجة إنما وجبت به لعدم توهم التبديل والتغيير فيه لعدالة الصحابة. بخلاف من بعده. حكاه البيهقي.

وأقول: شرط قيام الحجة بالمكاتبة أن يكون الكتاب مختوما، وحامله مؤتمنا، والمكتوب إليه يعرف خط الشيخ، إلى غير ذلك من الشروط الدافعة لتوهم التغيير، والله أعلم"٣.

ومما يستفاد أيضا: "أن شرع من قبلنا شرع لنا حتى يرد ناسخ، وذلك أن


١ السهيلي، الروض الأنف (٥/٧٨-٧٩) .
٢ انظر ابن حجر، فتح (١/١٥٤-١٥٥) .
٣ المصدر السابق..

<<  <   >  >>