للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تحريم القتال في الأشهر الحرم كان حكما معمولا به من عهد إبراهيم، وإسماعيل، وكان من حرمات الله، ومما جعله الله مصلحة لأهله، قال الله تعالى {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ} ١.

فكان رجب أمانا للسالكين إليها مصلحة لأهلها، ونظرا من الله لهم دبَّره، وأبقاه من ملة إبراهيم لم يُغيِّر حتى جاء الإسلام، ثم أباحته آية السيف في سورة براءة؛ فإن براءة كان فيها نبذ العهد العام وهو أن لا يصد أحد عن البيت جاءه، ولا يخاف أحد في الأشهر الحرم، وأن لا يحج مشرك، وإباحة القتال في الأشهر الحرم، أي مع بقاء حرمتها فإنها لم تنسخ، قال تعالى: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} ٢ فتعظيم حرمتها باق، وإن أبيح القتال٣.

وفيها أيضا دليل على تسويغ الاجتهاد في زمنه صلى الله عليه وسلم، فإن أصحاب السرية قد أدَّاهم اجتهادهم إلى مهاجمة القافلة دونما أمر منه صلى الله عليه وسلم، ونزل قول الحق سبحانه وتعالى فيه تصويب لاجتهادهم ذلك بعد أن أكثر الناس في تقريعهم ولومهم بناء على دعاية قريش المغرضة ضدهم ... والله أعلم..


١ المائدة (٩٧) .
٢ التوبة (٣٦) .
٣ بتصرف من السهيلي، الروض (٥/٨٠-٨١) ، والحلبي، سيرة (٣/١٤٢) ، والزرقاني، شرح المواهب (١/٣٩٨) .

<<  <   >  >>