للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اعتبر بعض أهل المغازي كابن إسحاق١، والواقدي، ومتابعيه٢ أن هذا الخبر خاص بسرية اعتراضية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعتراض قافلة قرشية مقبلة من الشام، ووافقهم في ذلك بعض المحدِّثين كالشعبي٣، والحاكم من المتأخرين الذي ساق الخبر برواية موصولة من طربق ابن إسحاق إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها٤.

وقد رجح ابن حجر روايته بناء على اتصال سندها على رواية الشعبي التي وصفها بالشذوذ٥.

وبناء عليه أيضا رجح بعض الباحثين المعاصرين٦ رواية الحاكم على رواية الزهري الذي جزم بأن الذي اعترض القافلة القرشية هو أبو جندل، وأبو بصير وأصحابهما الذين كانوا بسيف البحر لما وقع صلح الحديبية٧.

وكان يمكن اعتبار رواية الحاكم هذه على أساس أنها أقوى الروايات سندا. ولكنهم ذهلوا جميعا عن علتها، وبالتالي تعجلوا بالحكم عليها، حيث


١ ذكر ابن إسحاق في رواية البكائي عنه: أن أبا العاص خرج قبل الفتح في عير لقريش، فلقيته سرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم دون أن يوضح من كان في تلك السرية. كذلك في رواية ابن بكير عنه لكن لم يذكر فيها التاريخ، انظر ابن هشام، سيرة (٢/٦٥٧-٦٥٨) ، والبيهقي، سنن (٩/١٤٣) .
٢ كان الواقدي ومتابعوه أكثر وضوحا في معلوماتهم حيث ذكروا أنها سرية بقيادة زيد بن حارثة رضي الله عنه بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم في جمادى الأولى سنة ست من الهجرة لاعتراض عير قرشية أقبلت من الشام فيها أبو العاص بن الربيع. انظر الواقدي، مغازي (٢/٥٥٣) ، وابن سعد، طبقات (٢/٨٧) ، وابن سيد الناس، عيون (٢/١٤٠) ، وابن كثير، بداية (٤/١٨٠) ، والمقريزي، إمتاع (١/٢٦٥) .
٣ ذكر الشعبي أن أبا العاص خرج في تجارة إلى الشام، فلما كان يقرب المدينة أراد بعض المسلمين أن يخرجوا إليه فيقتلوه ويأخذوا ما معه، فعلمت زوجه زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فأجارته، فلما علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك خرجوا إليه عزَّلاً بلا سلاح ... إلخ. ابن حجر، إصابة (٤/١٢١-١٢٢) .
٤ انظر رواية الحاكم مفصلة في المستدرك (٣/٢٣٦) .
٥ ابن حجر، إصابة (٤/١٢٢) .
٦ حكم الألباني على رواية موسى بن عقبة عن الزهري بعدم الصحة لإرسالها مرجحا عليها رواية الحاكم الموصولة، وأن الأولى الاعتماد عليها. الغزالي، فقه السيرة (ص: ٣٣٨) (حاشية: ١) واستدل بها الحكمي على أن الذي أخذ عير أبي العاص هو زيد بن حارثة. انظر الحكمي، مرويات غزوة الحديبية، (ص: ١٩٢ الحاشية) .
٧ انظر البيهقي، دلائل (٤/١٧٤) ، وباقشيش، مرويات موسى بن عقبة (٢/٤٠٥) .

<<  <   >  >>