فتبين من هذا الحديث الصحيح أن المراد بالمشرق العراق، ولا بدع فهو منبع كل فساد، ومنشأ كل إلحاد.
قال الخطابي: نجد من جهة المشرق، ومن كان بالمدينة كان نجده بادية العراق ونواحيها، فهي مشرق أهل المدينة، وأصل نجد ما ارتفع من الأرض، وهو خلاف الغور، فإنه ما انخفض منها.
وقال الحافظ في الفتح: وقال غيره "كان أهل المشرق يومئذ أهل كفر، فأخبر صلى الله عليه وسلم أن الفتنة تكون من تلك الناحية، فكان كما أخبر، وأول الفتن كان من قبل المشرق، فكان ذلك سبباً للفرقة بين المسلمين، وذلك مما يحبه الشيطان ويفرح به، وكذلك البدع نشأت من تلك الجهة" انتهى.
وقال القسطلاني: إنما أشار عليه الصلاة والسلام إلى المشرق لأن أهله يومئذ أهل كفر، فأخبر أن الفتنة تكون من تلك الناحية، وكذا وقعت، فكانت وقعة الجمل، ووقعة صفين، ثم ظهور الخوارج في أرض نجد والعراق وما وراءها من المشرق، وكان أصل ذلك وسببه قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهذا من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم. انتهى.