هذا الخبر لم يذكر للاعتماد عليه، بل ذكر في ضمن غيره ليتبين أن معناه موافق للمعاني المعلومة بالكتاب والسنة، كما أنه إذا ذكر حكم بدليل معلوم، ذكر ما يوافقه من الآثار والمراسيل وأقوال العلماء وغير ذلك لما في ذلك من الاعتضاد والمعاونة، لا لأن الواحد من ذلك يعتمد عليه في حكم شرعي. ولهذا كان العلماء متفقين على جواز الاعتضاد والترجيح بما لا يصلح أن يكون هو العمدة من الأخبار التي تكلم في بعض رواتها لسوء حفظ أو نحو ذلك، وبآثار الصحابة والتابعين، بل بأقوال المشايخ والإسرائيليات للاعتماد نوع. وهذا الخبر من النوع الأول، فإنه رواه الطبراني في معجمه من حديث ابن لهيعة، وقد قال أحمد: قد كتبت حديث الرجل لأعتبر وأستشهد به مثل حديث ابن لهيعة. فإن عبد الله بن لهيعة قاضي مصر كان من أهل العلم والدين باتفاق العلماء، ولم يكن ممن يكذب باتفاقهم. ولكن قيل: إن كتبه احترقت فوقع في بعض حديثه غلط، ولهذا فرقوا بين من حدث عنه قديماً، وبين من حدث عنه حديثاً، وأهل السنن يروون له. إلى أن قال: وقد روي الناس هذا الحديث من أكثر من خمسمائة سنة، إن كان ضعيفاً وإلا فهو مروي في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، وما زال العلماء يقرؤون ذلك، ويسمعون في المجالس الكبار والصغار، ولم يقل أحد من المسلمين إن إطلاق القول: إنه لا يستغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم كفر ولا حرام ... الخ كلامه رحمه الله تعالى.