للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن إثبات الجسم له تعالى بهذا المعنى تنزيل له سبحانه منزلة مخلوقاته مما ينافي ألوهيته) .

فيقال: قد تقدم أنا لا نثبت الجسمية بهذا المعنى، لأن إثبات الصفات لا تستلزم الجسمية، لأن الموصوف بها ليس بجسم، وقد تقدم بيان ذلك وأن إثباتها ليس بنقص يجب تنزيه الله عنه بالعقل والنقل، مع أنا لا نسلم أن الجسم بهذه الأوضاع الاصطلاحية الحادثة مجمع على صحته عند العقلاء، بل قد تنازعوا في ذلك مع مخالفته لصريح اللغة، فإن الجسم معناه في لغة العرب هو: البدن الكثيف الذي لا يسمى في اللغة جسم سواه. فلا يقال للهواء١ جسم لغة ولا للنار، ولا للماء، فهذه اللغة وكتبها بين أظهرنا.

وأما قوله: (أما عقلاً فلأن الرؤية كما تحقق في علم البصر إنما تتم بوقوع أشعة النور على سطح المرئي وانعكاسها عنه إلى البصر، فيلزم منه كون المرئي ذا سطح، وذلك يستدعي تركيبه من أجزاء ... ) إلى آخره.

فالجواب أن يقال: هذا العقل فاسد بالعقل والنقل. أما فساده بالعقل: فلأنه ليس في المعقول أن كل مرئي لا


١ في النسخ: (الهوى) .

<<  <   >  >>