ثم هؤلاء المتكلمون المخالفون للسلف إذا حقق عليهم الأمر لم يوجد عندهم من حقيقة العلم بالله وخالص المعرفة له خبر، ولم يقفوا من ذلك على عين ولا أثر، كيف يكون هؤلاء المحجوبون المنقوصون المسبوقون الحيارى المتهوكون أعلم بالله وأسمائه وصفاته، وأحكم في باب ذاته وآياته من السابقين الأولين والمهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان من ورثة الأنبياء، وخلفاء الرسل، وأعلام الهدى، ومصابيح الدجى، الذين بهم قام الكتاب وبه نطق الكتاب وبه نطقوا، الذين وهبهم الله من العلم والحكمة ما برزوا به على سائر أتباع الأنبياء، فضلاً عن سائر الأمم الذين لا كتاب لهم، وأحاطوا من حقائق المعارف، وبواطن الحقائق، وبما لو جمعت حكمة غيرهم إليها لاستحيا من يطلب المقابلة؟
ثم كيف يكون خير قرون الأمة أنقص في العلم والحكمة -لا سيما العلم بالله وأحكام أسمائه وآياته- من هؤلاء الأصاغر بالنسبة إليهم؟ أم كيف يكون أفراخ المتفلسفة وأتباع الهند واليونان، وورثة المجوس والمشركين، وضلال اليهود والنصارى والصابئين، وأشكالهم وأشباههم، أعلم بالله من ورثة الأنبياء وأهل القرآن. –وذكر كلاماً طويلاً- إلى أن قال: