وجعلوا قول الله ورسوله من المجمل الذي لا يستفاد منه علم ولا هدى، فجعلوا المتشابه من كلامهم هو المحكم، والمحكم من كلام الله ورسوله هو المتشابه، كما جعل الجهمية من المتفلسفة والمعتزلة ونحوهم ما أحدثوه من الأقوال التي نفوا بها صفات الله، ونفوا بها رؤيته في الآخرة، وعلوه على خلقه، وكون القرآن كلامه، ونحو ذلك، جعلوا تلك الأقوال محكمة، وجعلوا قول الله ورسوله مؤولاً أو مردوداً، أو غير ملتفت إليه، ولا متلقى للهدى منه، فتجدهم يقولون: ليس بجسم، ولا جوهر، ولا عرض، ولا له كم ولا كيف، ولا تحله الأعراض والحوادث، ونحو ذلك، وليس بمباين للعالم، ولا خارج عنه ... إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى.
وسيأتي الكلام على مسألة التفويض وبطلان قول من زعم أن هذه طريقة السلف.
وبما ذكرناه هنا من كلام أهل العلم يتبين لكل منصف بطلان تأويل هذا الملحد بقوله:(فما ورد من الإشارة إليه في السماء محمول على أنه تعالى خالق السماء، أو أن السماء مظهر قدرته، لما اشتملت عليه من العوالم العظيمة التي لم تكنأرضنا الحقيرة إلا ذرة بالنسبة إليها، وكذلك العروج إليه تعالى هو بمعنى العروج إلى موضع يتقرب إليه بالطاعات فيه) . إلى غير ذلك من