للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن المشركين إنما اتخذوا من دونه أولياء يعبدونهم إنما هو بطلب القربة والمنزلة عند الله، بشفاعة من يعبدونه، والقربى هي المنزلة، فكان من المعلوم أنهم ما طلبوا منزلة مجازية لا حقيقة لها في الخارج.

قال البغوي رحمه الله في تفسير هذه الآية: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاء} [الزمر: ٣] ، يعني: الأصنام {مَا نَعْبُدُهُمْ} [الزمر: ٣] ، أي قالوا ما نعبدهم: {إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: ٣] ،وكذلك قرأ ابن مسعود وابن عباس. قال قتادة: وذلك أنهم كانوا إذا قيل لهم: من ربكم ومن خلقكم، ومن خلق السموات والأرض؟ قالوا: الله، فيقال لهم: فما معنى عبادتكم الأوثان؟ قالوا: ليقربونا إلى الله زلفى. أي قربى، وهو اسم أقيم مقام المصدر، كأنه قال: إلا ليقربونا إلى الله تقريباً ويشفعوا لنا عند الله.

وبهذا يندفع توهم هذا العراقي أن التقرب بالمعنى المجازي، لا على المعنى الحقيقي، لأنه لا يعتقد أن الله على عرشه، بائن من خلقه، فلذلك ظن أن١ المشركين كانوا يعتقدون أن الله في السماء على عرشه فوق خلقه، وإذا كان على عرشه فوق خلقه كان جسماً، وقد بينا فيما


١ سقطت "أن" من ط الرياض.

<<  <   >  >>