للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة:٣١] ، وتفسيرها الذي لا إشكال فيه طاعة العلماء والعباد في المعصية، لا دعاؤهم إياهم، كما فسرها النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم لما سأله قال: لسنا نعبدهم. فذكر أن عبادتهم طاعتهم في المعصية١.


١ أخرجه الترمذي في سننه كتاب التفسير ٥/٢٧٨، وابن جرير الطبري في تفسيره ١٠/١١٤، والطبراني في الكبير ١٧/٩٢، والبيهقي في سننه كتاب آداب القاضي ١٠/١١٦، كلهم من طريق عبد السلام بن حرب عن غطيف بن أعين عن مصعب بن سعد عن عدي بن حاتم قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: "يا عدي اطرح عنك هذا الوثن" وسمعته يقرأ في سورة براءة: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} قال: "أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه. هذا لفظ الترمذي. وهذا إسناد ضعيف علته غطيف بن أعين وقيل غضيف ضعفه الدارقطني وغيره -وبه أعل الترمذي هذا الحديث فقال عقبه: (هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث) اهـ. وعبد السلام بن حرب ثقة إمام حافظ إلا أن له مناكير.
والحديث عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/١٧٤ لابن سعد، وعبد بن حميد وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه. وعزاه ابن كثير في تفسيره ٢/٣٤٨ للإمام أحمد ولم أجده في مسند عدي. والله أعلم.
وللحديث شاهد من حديث حذيفة موقوفاً أخرجه -كما في الدر المنثور ٤/١٧٤- عبد الرزاق والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في سننه كلهم من طريق أبي البختري سعيد بن فيروز قال: سأل رجل حذيفة رضي الله عنه فقال: أرأيت قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ ... } الآية. أكانوا يعبدونهم؟ قال: لا، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه، وإذا حرموا عليهم شئياً حرموه.
وأخرجه من هذا الطريق ابن جرير في تفسيره ١٠/١١٤-١١٥ وإسناده ضعيف للانقطاع بين أبي البختري وحذيفة. فإن أبا البختري لم يسمع من حذيفة إنما أرسل عنه، كما في تهذيب الكمال للمزي، وجامع التحصيل.
ثم عزا السيوطي في الدر أثر حذيفة هذا إلى أبي الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان، والذي يظهر من صنيع السيوطي أنه من طريق آخر غير طريق أبي البختري فلينظر.
وقد حسن شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية هذا الحديث كما في كتابه الإيمان ص ٦٤ وعلى معنى هذا الحديث جمهور المفسرين. والله أعلم.

<<  <   >  >>