ولهذا قال:"وإنما أنا قاسم" ١ فالله سبحانه هو المعطي على لسانه، وهو يقسم ما قسمه بأمره.
قوله:(فيكون معنى الحديث السابق: إني وإن يستغاث بي، فالمستغاث به في الحقيقة هو الله تعالى) .
أقول: هذا التأويل مخالف للفظ الحديث، ولمعناه، وقد تقدم الكلام عليه، فلا معنى لصرفه عما يقتضيه إلى ما لا يدل عليه لغة ولا شرعاً.
وقوله:(وبالجملة فإطلاق لفظ الاستغاثة على من يحصل منه غوث ولو تسبباً وكسباً أمر نطقت به اللغة، وجوزه الشرع) .
١ أخرج البخاري في صحيحه –كتاب فرض الخمس- باب قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} يعني للرسول قسم ذلك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما أنا قاسم وخازن والله يعطي". ثم ساق بسنده عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما مرفوعاً: "فإني إنما جعلت قاسماً أقسم بينكم" وفي لفظ له "فإنما أنا قاسم".