للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى الموتى والغائبين، ولو مجازاً لاختصاصه تعالى بالعلم والقدرة والغوث الباطني، والنبي صلى الله عليه وسلم نفي الاستغاثة عن نفسه حماية للتوحيد، وصيانة لجانبه، وأدباً مع ربه، لا لأن الإغاثة لا تنسب إلى المغيث بالتسبب العادي حقيقة، وأنها تنسب مجازاً -كما توهمه الغبي الأكبر- ولم يرد تعليم أمته: أن الاستغاثة إنما تنسب للمخلوق مجازاً، فإن ما جاء به من الكتاب والسنة دال على إضافة الفعل لمكتسبه، ومن قام به، ولذلك رتب الثواب والعقاب والجزاء والحساب.

ولم يقول قول العراقي إلا القدرية المجبرة، ومن نحا نحوهم، من الجهمية ورد عليهم أهل السنة، بما يطول ذكره نقلاً وعقلاً، وقالوا: لو كان مجازاً لصح نفي أفعال المكلفين عنهم، ولكانوا بمنزلة الجمادات التي يحركها الغير، ويفعل بها من غير قصد لها ولا اختيار١، ويكون التعذيب والثواب يرجع إلى مجرد المشيئة والإرادة، من غير فعل للعبد يستحق به الثواب والعقاب، وأما إضافة الإغاثة والإنبات إلى الغيث والريح، كما في الحديث، وكما في قولهم: "أنبت الربيع البقل" فلم يجعل الغيث فاعلاً، كما زعمه هذا الأعجمي الذي لا يعقل شيئاً من


١ في الأصل "ولا اختبار".

<<  <   >  >>