للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قتادة قال: أي بطاعته، وبسنده إلى عوف بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن شفاعتي لمن مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً" ومن في قوله (إلا من) في موضع نصب على الاستثناء، ولا يكون خفضاً بضمير اللام، ولكن قد يكون نصباً في الكلام في غير هذا الموضع، وذلك كقول القائل١: أردت المرور اليوم إلا العدو، فإني لا أمر به، فيستثني العدو من المعنى، وليس ذلك كذلك في قوله: {لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً} [مريم:٨٧] ، لأن معنى الكلام لا يملك هؤلاء الكفار إلا من آمن بالله، فالمؤمنون ليسوا من أعداد الكفارين، ومن نصبه على أن معناه إلا لمن اتخذ عند الرحمن عهداً، فإنه ينبغي أن يجعل قوله: {لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ} للمتقين، فيكون معنى الكلام حينئذ: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً} {لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً} فيكون معناه عند ذلك: {إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً} [مريم:٨٧] ، فإذا جعل {لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ} خبراً عن المجرمين، فإن (من) تكون حينئذ نصباً على أنه استثناء منقطع، فيكون معنى الكلام: لا يملكون الشفاعة، لكن من اتخذ عند الرحمن عهداً يملكه. انتهى.

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: {لا


١ في ط الرياض: (القاتل) .

<<  <   >  >>