كان الأحياء لا يقدرون على شيء من ذلك، فالأموات بطريق الأولى، وإنما يجوز من الحي طلب الدعاء منه، والاستغفار، والتوسل بدعائه وشفاعته، إذ هو قادر على ذلك، وأما الميت فقد انقطع عمله، وهو لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً، فضلاً لمن استغاث به، أو دعاه أو سأله أن يشفع له، كما قال صلى الله عليه وسلم:" إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث" الحديث١ وهذا يدل على انقطاع الحس والحركة من الميت، وأن أعمالهم منقطعة عن زيادة ونقصان، فدل ذلك على أنه ليس للميت تصرف في ذاته، فضلاً عن غيره، فإنما عجز عن حركة نفسه، فكيف يتصرف في غيره؟
وأما الأحياء القادرون على الأسباب الظاهرة العادية من الأمور الحسية، في قتال أو إدراك عدو، أو دفع سبع صائل، وغيره، فهذا لا مانع منه، وهذا ليس في قدرة الأموات {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلا الْأَمْوَاتُ}[فاطر: ٢٢] ومن سوى بينهما فقد جمع بين ما فرق الله بينه، وكفى بذلك عتواً وعناداً.
وأما قوله:(أما نحن فنقول إن الله هو الخالق لكل شيء {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}[الصافات:٩٦] ) .
١ رواه مسلم في كتاب الوصية من صحيحه (١٦٣١) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: "إذا مات الإنسان".