للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: ٨] ، وقال: {يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً} [طه:١٠٩] فأخبر أنه لا يحصل يومئذ شفاعة تنفع إلا بعد رضاه قول المشفوع له، وإذنه للشافع فيه، فأما المشرك فإنه لا يرتضيه، ولا يرضى قوله: (فلا يأذن للشفعاء أن يشفعوا فيه) فإنه سبحانه علقها بأمرين: رضاه عن المشفوع له وإذنه للشافع، فما لم يوجد مجموع الأمرين لم توجد الشفاعة.

وسر ذلك أن الأمر كله لله وحده، فليس لأحد معه من الأمر شيء، وأعلى الخلق وأفضلهم وأكرمهم عنده هم الرسل، والملائكة المقربون، وهم عبيد محض، لايسبقونه بالقول، ولا يتقدمون بين يديه، ولايفعلون شيئاً إلا بعد إذنه لهم، وأمرهم، ولا سيما {يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً} [الانفطار:١٩] فهم مملوكون مربوبون، أفعالهم مقيدة بأمره وإذنه، فإذا أشرك بهم المشرك، واتخذهم شفعاء من دونه، ظناً منه أنه إذا فعل ذلك تقدموا وشفعوا له عند الله، فهو من أجهل الناس بحق الرب سبحانه، وما يجب له، ويمتنع عليه، فإن هذا ممتنع، شبيه قياس الرب تعالى على الملوك والكبراء، حيث يتخذ الرجل من خواصهم وأوليائهم من يشفع له عندهم في الحوائج.

<<  <   >  >>