للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسنوا ذلك لمن بعدهم، ولكن كانوا أعلم بالله ورسوله، ودينه، من الخلوف التي خلفت بعدهم.

وكذلك التابعون لهم بإحسان راحوا على هذا السبيل، وقد كان عندهم من قبور أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمصار عدد كثير، وهم متوافرون، فما منهم من استغاث عند قبر صاحب، ولا دعاه، ولا دعا به، ولا عنده، ولا استسقى به، ولا استنصر به. ومعلوم أن مثل هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، بل على نقل ما هو دونه، وحينئذ فلا يخلو: إما أن يكون الدعاء عندها والدعاء بأربابها أفضل منه في غير ذلك البقعة، أو لا يكون، فإن كان أفضل فكيف حفي علماً وعملاً عن الصحابة والتابعين وتابعيهم؟ فتكون القرون الثلاثة الفاضلة جاهلة بهذا الفضل العظيم، وتظفر به الخلوف علماً وعملاً، ولا يجوز أن يعلموه ويزهدوا فيه مع حرصهم على كل خير، لا سيما الدعاء فإن المضطر يتشبث بكل سبب، وإن كان فيه كراهة ما، فكيف يكونون مضطرين في كثير من الدعاء، وهم يعلمون فضل الدعاء عند القبور، ثم لا يقصدونه، هذا محال طبعاً وشرعاً، فتعين القسم الثاني، وهو أنه لا فضل للدعاء عندها، ولا مشروع، ولا مأذون فيه بقصد الخصوص، بل تخصيصها بالدعاء عندها ذريعة إلى ما تقدم من المفاسد، ومثل هذا مما لا يشرعه الله ورسوله

<<  <   >  >>