للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشافعي: "فإن شهد وهو أعمى على شيء قال أُثبته كما أثبت كل شيء بالصوت أو الحس فلا تجوز شهادته لأن الصوت يشبه الصوت، والحس يشبه الحس" (١).

استدل أصحاب هذا القول بأدلة منها (٢):

١ ـ قوله تعالى: {وما يستوي الأعمى والبصير} [فاطر: ١٩].

وجه الشاهد: أن الآية الكريمة دلت على عدم استواء الأعمى والبصير بإطلاق، ويدخل في ذلك الشهادة، فلا تستوي شهادتهما.

ويمكن أن يناقش: بأن الدليل المقيد قد ورد في ذلك فلم يبق في الاستدلال حجة.

٢ ـ حديث ابن عباس - رضي الله عنه - أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الشهادة: ((فقال: هل ترى الشمس؟ قال: نعم، قال: فعلى مثلها فاشهد أودع)) (٣).

وجه الدلالة: أن ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - الشمس تنبيه على المعاينة، بدليل أنه لا تجوز الشهادة على أحد بلمسه، أو بشمه، فكذلك سماع كلامه (٤).

ويناقش الدليل من وجهين:

الوجه الأول: أن هذا الحديث لم يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

والوجه الثاني: أنه على فرض ثبوته، فإنه لا يدل على رد شهادة الأعمى، إذ إن مراد النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث هو التحقق من الأمر المشهود عليه وذلك قد يحصل بالنظر، وقد يحصل بغيره.

٣ ـ حديث أبي مرة مولى أم هانئ بنت أبي طالب: أنه سمع أم هانئ بنت أبي طالب تقول: ذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح فوجدته يغتسل، وفاطمة تستره فقال: (من هذه؟ ) فقلت أنا أم هانئ (٥).


(١) ـ الأم: محمد بن إدريس الشافعي. دار المعرفة: بيروت, ٧/ ٤٦.
(٢) ـ عقد الزواج عبر الإنترنت: المزروع بتصرف، ص ٨.
(٣) ـ أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب الأحكام، حديث رقم (٧٠٤٥)، وأبو نعيم في الحلية ٤/ ١٨، قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي: فقال بل هو حديث واه فإن محمد بن سليمان بن مشمول ضعفه غير واحد، ينظر: نصب الراية للزيلعي ٤/ ٨٢.
وضعف هذا الحديث ابن الملقن في البدر المنير ٩/ ٦٧١، وابن حجر في التلخيص الحبير ٤/ ١٩٨.
(٤) ـ الذخيرة ١٠/ ١٦٤.
(٥) ـ أخرجه البخاري في الصحيح، باب: التستر في الغسل، رقم الحديث (٢٧٦).

<<  <   >  >>