عليهم سميريات العامة يشتمونهم ويلعنونهم وهرب أصحاب ابن رايق حتى وافى بعضهم الأنبار وبعضهم المداين. وجاءني بعض قواده في تلك الليلة فرموا أسلحتهم عندي ومضوا مخفين لا يشكون في أن كورتكين إن صار إلى الشماسية وبات بها ليلة لن يبق من أصحاب ابن رايق أحد. فما هداهم الله لهذا الرأي وأقاموا بمكانهم حتى أدركهم الليل فولوا يريدون الشارع مبادرين، فصارت هزيمة وضاربهم من في الدجلة ورموهم ورميت عليهم الستر في الدروب من فوق السطوح وازدحموا فكان منى الواحد منهم أن يخلص إلى الشارع وظفر قوم من أصحاب ابن رايق ومن العامة بجماعة منهم في الجزيرة فقتلوهم وأخذوا دوابهم وأسلحتهم وعبر العامة إلى الأسطبل فوجدوا من سوادهم بقية فنهبوها، وفروا هاربين على وجوههم يريدون النهروان، إلا من اغتر منهم واستتر عند جار وعند صديق. وكشف الله عز وجل عن الناس أمراً عظيماً مما أشرفوا عليه وخافوه، وأصبح الناس يطلبونهم ولا يظفرون بأحد إلا قتلوه أوحش قتل، وأمر ابن رايق بإتباعهم فوجدوا قد عبروا جسر النهروان وقطعوه. وظفر منهم بنحو ثلاثمائة فحبسوا في دار الفيل في ظهر سور الحسنى وأدخل إليهم الرجالة السودان فخبطوهم حتى أتى عليهم، وكان جماعة منهم في دار فاتك حاجب ابن رايق فجعل يرمي بهم من الأروقة إلى السطوح، ويقال للعامة خذوهم، فيبادر العامة بقطع آنافهم وآذانهم وأصابعهم وهم قيام إحياء، واستفظع الناس هذا الفعل واستعظموا وكرهوه.