الصحابة، وهم أعلم بتأويل معاني القرآن، وفيمَ نزل، فتختار هذا القولَ لهذه العلَّةِ، وهذا ما فعله ابن جرير الطبري (ت:٣١٠) عند هذا الاختلاف، فقال:
«والصواب من القول في ذلك عندنا: أن الذي قاله مسروق في تأويل ذلك أشبه بظاهر التنْزيل؛ لأن قوله:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} في سياق توبيخ الله ـ تعالى ذكره ـ مشركي قريش، واحتجاجاً عليهم لنبيِّه، وهذه الآية نظيرةُ سائر الآيات قبلها، ولم يجر لأهل الكتاب ولا لليهود قبل ذلك ذكر، فتوجه هذه الآية إلى أنها فيهم نزلت، ولا دلَّ على انصراف الكلام عن قصص الذين تقدم الخبر عنهم معنى.
غير أن الأخبار قد وردت عن جماعة من أصحاب رسول الله بأن ذلك عنى به عبد لله بن سلام، وعليه أكثر أهل التأويل، وهم كانوا أعلم بمعاني القرآن، والسبب الذي فيه نزل، وما أريد به.
فتأويل الكلام إذ كان ذلك كذلك: وشهد عبد الله بن سلام، وهو الشاهد من بني إسرائيل على مثله، يعني: على مثل القرآن وهو التوراة، وذلك شهادته أن محمداً مكتوب