للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«... أنكرَه قومٌ منْ رءوسِ العوامِ، فقالوا: إنَّه لا خُنْثَى، فإنَّ اللهَ تعالى قسَّمَ الخلقَ إلى ذكرٍ وأنثى.

قلنا: هذا جَهْلٌ باللُّغةِ، وغباوةٌ عنْ مَقْطَعِ الفَصَاحَةِ، وقُصُورٌ عن مَعْرِفَةِ سَعَةِ القُدْرَةِ.

أمَّا قدرةُ اللهِ سبحانَهُ، فإنَّه واسعٌ عليمٌ.

وأمَّا ظاهرُ القرآنِ، فلا ينفي وجودَ الخُنْثَى، لأنَّ اللهَ تعالى قال: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} [الشورى: ٤٩]، فهذا عمومُ مدحٍ، فلا يجوزُ تخصيصُه؛ لأنَّ القدرةَ تقتضيه.

وأمَّا قولُه: {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [الشورى: ٤٩، ٥٠]، فهذا إخبارٌ عن الغالبِ في الموجوداتِ، وسكت عن ذكر النَّادرِ؛ لدخوله تحت عمومِ الكلامِ الأوَّلِ. والوجودُ يشهدُ له، والعيانُ يُكَذِّبُ منكرَه» (١).

٣ - أن يكونَ التَّفسيرُ غيرَ صحيحٍ، ويكونَ الاستنباطُ غيرَ صحيحٍ كذلك.


(١) أحكام القرآن، لابن العربي، تحقيق: علي محمد البجاوي (٤:١٦٧٤ - ١٦٧٥).

<<  <   >  >>