[الثانية: افتراض وقوع الاختلاف بين المأثور والرأي.]
جاء في كلام بعض من كتب في التفسير بالمأثور فرضيات عقلية لا تثبت أمام العمل التفسيري، ولم يُعملْ بها من قبل، ولا أُخِذَ بها من بعد.
وسأذكر لك ما يدلُّ على ما قلت لك، وهو من كلام من أَصَّلَ هذا التقسيم وانتشر من بعده.
عقد عبد العظيم الزرقاني (ت:١٣٦٧) في كتابه مناهل العرفان مبحثاً بعنوان (التعارض بين التفسير بالرأي والتفسير بالمأثور وما يتبع في الترجيح بينهما)، وقال فيه: «ينبغي أن يعلم أن التفسير بالرأي المذموم ليس مراداً هنا لأنه ساقط من أول الأمر فلا يقوي على معارضة المأثور.
ثم ينبغي أن يعلم أن التعارض بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي المحمود معناه: التنافي بينهما، بأن يدل أحدهما على إثبات والآخر على نفي؛ كأن كلا من المتنافيين وقف في عرض الطريق فمنع الآخر من السير فيه.
وأما إذا لم يكن هناك تناف، فلا تعارض، وإن تغايرا؛ كتفسيرهم الصراط المستقيم بالقرآن أو بالسنة أو بطريق العبودية أو طاعة الله ورسوله، فهذه المعاني غير متنافية وإن تغايرت ...