فمعنى الاستواء: العلوُّ والارتفاعُ، وهذا هو التَّفسيرُ.
لكن كيف استوى؟
هذا من الغيبِ الذي استأثر الله بعلمه، فهو من المتشابِه الكليِّ الذي لا يعلمُه إلاَّ اللهُ، ولذا لا تجدُ لعلماء الصَّحابةِ والتَّابعينَ ومن سارَ على نهجهم تفسيراً للكيفِ، وإنما تفسيرُهم للمعنى، ومن أشهرِ ما وردَ في هذه الصِّفةِ الإلهيَّةِ، قول مالك بن أنس (ت:١٩٧) لما سئل: كيف استوى؟.
فقال:«استواؤه معقولٌ، وكيفيَّتُه مجهولةٌ، وسُؤالُك عن هذا بدعةٌ، وأراك رجلَ سوءٍ»(١).
[القول في الأحرف المقطعة]
وقبل أن أختم الحديث عن هذا الموضوع، أشيرُ إلى
(١) رواه ابن عبد البرِّ بسنده، التمهيد، تحقيق: عبد الله بن الصِّدِّيق (٧:١٨٣). والمحقق يخالف عقيدة ابن عبد البرِّ السلفية، فليحذر من تعليقاته. وقد رواه آخرون غيرُ ابن عبد البرِّ، منهم أبو القاسم اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة (٣:٣٩٨)، وقد وردت الرواية عنده كالآتي: «الكيفُ غيرُ معقولٍ، والاستواءُ منه غيرُ مجهولٍ، والإيمانُ به واجبٌ، والسؤالُ عنه بدعةٌ، فإنِّي أخافُ أن تكونَ ضالاًّ، وأمَرَ به فأُخرِج».