للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَفعَال الْعباد وَاقعَة مِنْهُم بقدرتهم ومشيئتهم فَلَو وفقوا لذَلِك كَمَا وفْق لَهُ أهل السّنة وَالْجَمَاعَة لهدوا

قَالَ الْبَيْهَقِيّ فَلَو كَانَت الْأَفْعَال غير مخلوقة لَكَانَ الله سُبْحَانَهُ خَالق بعض الْأَشْيَاء دون جَمِيعهَا وَهَذَا خلاف مَا دلّت عَلَيْهِ الْآيَات وَمَعْلُوم أَن الْأَفْعَال أَكثر من الْأَعْيَان فَلَو كَانَ الله خَالق الْأَعْيَان وَالنَّاس خالقي الْأَفْعَال لَكَانَ خلق النَّاس أَكثر من خلقه ولكانوا أتم قدرَة مِنْهُ وَأولى بِصفة الْمَدْح من رَبهم سُبْحَانَهُ ...

قلت وَلَا يتعارض مَا ثَبت من أَنه تَعَالَى خَالق أَفعَال الْعباد مَعَ مَا ثَبت من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالشَّر لَيْسَ إِلَيْك لِأَن الْمَقْصُود من هَذِه الْكَلِمَة لَيْسَ نفي خلق الشَّرّ عَن الله تَعَالَى وَإِنَّمَا الْمَقْصُود مِنْهَا كَمَا قدره شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية وعلامة ابْن قيم الجوزية وَالْبَيْهَقِيّ أَن الشَّرّ الْمَحْض لَيْسَ من أَفعاله تَعَالَى لِأَنَّهُ لَا يخلق الشَّرّ الْمَحْض إِذْ جَمِيع أَفعاله تَعَالَى فِيهَا حِكْمَة وعاقبة محمودة وَلَيْسَ فِيهَا شَرّ بِالنِّسْبَةِ لَهُ تَعَالَى وَإِن كَانَ شرا بِالنِّسْبَةِ للمخلوقين فَهَذَا معنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالشَّر لَيْسَ إِلَيْك

قَالَ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية الْحَسَنَة مُضَافَة إِلَيْهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ أحسن بهَا من كل وَجه ... فَمَا من وَجه من وُجُوهًا إِلَّا وَهُوَ يَقْتَضِي الْإِضَافَة إِلَيْهِ وَأما السَّيئَة فَهُوَ إِنَّمَا يخلقها حِكْمَة وَهِي بِاعْتِبَار تِلْكَ الْحِكْمَة من إحسانه فَإِن الرب لَا يفعل سَيِّئَة قطّ بل فعله كُله حسن وحسنات وَفعله كُله خير وَلِهَذَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي دُعَاء الاستفتاح الْخَيْر بيديك وَالشَّر لَيْسَ إِلَيْك فَإِنَّهُ لَا يخلق شرا مَحْضا بل كَانَ مَا يخلقه فَفِيهِ حِكْمَة هُوَ باعتبارها خير وَلَكِن قد يكون فِيهِ شَرّ لبَعض النَّاس وَهِي شَرّ جزئي إضافي فَأَما شَرّ كلي أَو شَرّ مُطلق

<<  <  ج: ص:  >  >>