للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله تَعَالَى قدر الْهِدَايَة والضلال والمخالفة لأَمره سُبْحَانَهُ أزلا على من أَرَادَ من عباده وكل من الْهدى والضلال لم يكن إِلَّا بِإِذن الله تَعَالَى وَقَضَاء وَقدر مِنْهُ عز وَجل

وَقد أورد ابْن بطة فِي هَذِه الْأَبْوَاب كثيرا من الْآيَات القرآنية تربو عَن ثَلَاثِينَ آيَة تثبت لله عز وَجل دون غَيره الْهِدَايَة والإضلال فَلَا هادي وَلَا مضل إِلَّا الله سُبْحَانَهُ وَلَو شَاءَ لهداهم أَجْمَعِينَ وَلَكِن لحكمة يعلمهَا عز وَجل جعلهم فريقين فريقا على الْهدى وفريقا على الضلال لَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون وَلِهَذَا لم يهتد كثير من النَّاس بدعوة الْمُرْسلين فِي الْأُمَم السَّابِقَة وَفِي هَذِه الْأمة أَيْضا رغم مَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ من الْبَيَان والبلاغة والفصاحة والبراهين القاطعة والحجج الْوَاضِحَة الَّتِي بعثوا بهَا من عِنْد الله تَعَالَى مؤيدين بالمعجزات الواضحات مثل الشَّمْس فِي رَابِعَة النَّهَار يدعونَ أمتهم إِلَى المحجة الْبَيْضَاء فَهَذَا أَبُو طَالب عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ حرصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على هدايته لم يكْتب الله لَهُ الْهِدَايَة وَلم يسْبق فِي علم الله أَنه يهديه وَفِي حَقه نزلت هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة إِنَّك لاتهدي من أَحْبَبْت وَلَكِن الله يهدي من يَشَاء فِي حِين أننا نجد أَبَا بكر وَعمر بن الْخطاب وَغَيرهمَا من السُّعَدَاء من هَذِه الْأمة قد سبقت لَهُم من الله الْهِدَايَة أزلا فَدَخَلُوا فِي دين الله افواجا وَكَذَلِكَ الْحَال فِي الْأُمَم الْمَاضِيَة كَمَا فِي قصَّة نَبِي الله نوح عَلَيْهِ السَّلَام مَعَ قومه وَابْنه الَّذِي كَانَ يتَمَنَّى لَهُ الْهِدَايَة والتوفيق وَلَكِن الله لم يرد لَهُ الْهِدَايَة حَتَّى مَاتَ كَافِرًا وَفِي حَقه يَقُول رب الْعِزَّة إِنَّه لَيْسَ من أهلك إِنَّه عمل غير صَالح فَلَا تَسْأَلنِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم إِنِّي أعظك أَن تكون من الْجَاهِلين

وَقد دَعَا نوح عَلَيْهِ السَّلَام قومه مُدَّة ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما فَلم يُؤمن بِهِ إِلَّا أنَاس معدودون من قومه أَرَادَ الله لَهُم الْهِدَايَة وَكثير مِنْهُم أَعرضُوا عَن الْإِيمَان وعتوا عتوا كَبِيرا كَمَا حكى الله ذَلِك عَنْهُم بقوله عز وَجل على لِسَان

<<  <  ج: ص:  >  >>