١٦٣ - وحدثني أبو صالح, قال: حدثنا أبو الأحوص قال: حدثنا أحمد بن حنبل وحدثنا محمد بن أحمد بن إسحاق قال: حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر قال وقال الزهري وأخبرني عروة بن الزبير أن عن عائشة رضي الله عنها قالت لقد خرج أبو بكر مهاجرا قبل أرض الحبشة حتى إذا بلغ برك الغماد ⦗٦٢٣⦘ لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة فقال ابن الدغنة أين تريد يا أبا بكر فقال أبو بكر أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي تبارك وتعالى قال ابن الدغنة فإن مثلك يا أبا بكر لا يَخْرج ولا يُخْرج إنك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتقرئ الضيف وتحمل الكل وتعين على نوائب الحق فأنا لك جار فارجع فاعبد ربك ببلدك فارتحل ابن الدغنة فرجع مع أبي بكر فطاف ابن الدغنة في كفار قريش فقال: إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج أتخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ⦗٦٢٤⦘ ويقرئ الضيف، ويعين على نوائب الحق، فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة، وأمنوا أبا بكر، وقالوا لابن الدغنة مر أبا بكر فليعبد ربه في داره، وليصل فيها ما شاء، وليقرأ بما شاء, ولا يؤذينا، ولا يستعلن بالصلاة والقراءة في غير داره، قال ففعل ثم بدا لأبي بكر فبنى مسجدا بفناء داره فكان يصلي فيه ويقرأ فينقصف عليه نساء المشركين وأبناءهم يعجبون منه، وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا: إنما أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره، وإنه قد جاوز ذلك وابتنى مسجدا بفناء داره وأعلن الصلاة، والقراءة وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا فأته فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه فعل، وإن أبى إلا أن يعلن ذلك ⦗٦٢٥⦘ فاسأله أن يرد عليك ذمتك فإنا قد كرهنا أن نخفرك ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان قالت عائشة: فأتى ابن الدغنة أبا بكر فقال: يا أبا بكر قد علمت الذي عقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترجع إلي ذمتي، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني خفرت في عقد رجل عقدت له، فقال أبو بكر: فإني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله ورسوله، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أريت دار هجرتكم أريت سبخة ذات نخل بين لابتين وهما حرتان فهاجر ⦗٦٢٦⦘ من هاجر قبل المدينة حين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجع إلى المدينة بعض من هاجر إلى أرض الحبشة من المسلمين، وتجهز أبو بكر رضي الله عنه مهاجرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي، فقال أبو بكر: أترجو ذلك بأبي أنت؟ قال نعم، فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم لصحبته وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر أربعة أشهر.