١٦٤ - حدثنا أبو القاسم إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الحسين الهمداني الكوفي بالكوفة قال: حدثنا أبو محمد القاسم بن محمد الدلال النهمي قال: حدثنا مخول بن إبراهيم النهدي قال: أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال: اشترى أبو بكر من عازب رحلا بثلاثة ⦗٦٢٨⦘ عشر درهما، فقال أبو بكر للبراء: مر عازبا فليحمل إلي رحلي، فقال له عازب: ألا تحدثنا كيف صنعت أنت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجتما والمشركون يطلبونكما. فقال: أدلجنا من مكة، فأحيينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا، وقام قائم ظهيرة، فرميت بصري هل أرى من ظل فآوي إليه، فإذا أنا بصخرة، فانتهيت إليها، فإذا فيها ظل لها، قال فنظرت بقية ظلها سويته، ثم فرشت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه فروة، ثم قلت له: اضطجع يا رسول الله، فاضطجع، ثم ذهبت أنفض ما حولي هل أرى من الطلب أحدا، فإذا أنا براع يسوق غنمه إلى الصخرة، يريد منها الذي أريد ـ يعني الظل ـ، فسألته قلت: لمن أنت يا غلام؟ قال: لرجل من قريش، سماه، فعرفته, قلت: هل في غنمك من لبن؟ فقال: نعم، فقلت: هل أنت حالب لي؟ قال: نعم، فأمرته فاعتقل شاة من غنمه، ثم أمرته أن ينفض ⦗٦٢٩⦘ ضرعها من الغبار، ثم أمرته أن ينفض كفيه، فحلب لي كثبة من لبن، وقد بردت معي لرسول الله صلى الله عليه وسلم إداوة على فمها خرقة، قال فصببت على اللبن حتى برد أسفله، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافقته قد استيقظ، فقلت: اشرب يا رسول الله، فشرب حتى رضيت ثم قلت: قد أتى الرحيل يا رسول الله، قال فارتحلنا والقوم يطلبوننا، فلم يدركنا أحد منهم غير سراقة بن مالك بن جعشم، على فرس له، فقلت: هذا الطلب يا رسول الله، فقال: لا تحزن إن الله معنا فدنا منا فكان بيننا وبينه قدر رمحين أو ثلاثة قلت هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله وبكيت.
فقال ما يبكيك؟ فقلت: أما والله، ما على نفسي أبكي يا رسول الله، ولكن إنما أبكي عليك، قال: فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اكفنيه بما شئت، قال: فساخ به فرسه في الأرض إلى بطنها، ووثب عنها، ثم قال: يا محمد، قد ⦗٦٣٠⦘ علمت أن هذا عملك، ادع الله أن ينجيني مما أنا فيه، فوالله لأعمين على من ورائي من الطلب، وهذه كنانتي، خذ سهما منها، فإنك ستمر على إبلي وغنمي في مكان كذا وكذا، فخذ منها حاجتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حاجة لي في إبلك، ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق راجعا إلى أصحابه ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه حتى قدمنا المدينة ليلا، فناداه القوم، أيهم ينزل عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أنزل الليلة على بني النجار، أخوال عبد المطلب، أكرمهم بذلك، وخرج الناس حتى دخلنا المدينة في الطريق على البيوت والغلمان والخدم: جاء محمد، جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، الله أكبر جاء محمد رسول الله, فلما أصبح انطلق حتى نزل حيث أمر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى نحو البيت المقدس سبعة عشر أو ستة عشر شهرا, وذكر الحديث بطوله.