أوجب. معلوم أن الله يبقي ما كان البقاء أنجح، ويتوفى إذا كان الفناء أصلح، ولذلك قبض الأنبياء والمرسلون، وأنزل على المصطفى إنك ميت وإنهم ميتون.
ذكر الأعمار والآجال
إن أيام العمر وساعات الدهر كمراحل معدودة، إلى وجهة مقصودة. فلا بد مع سلوكها من انقضائها، وبلوغ الغاية عن انتهائها. للنفوس مواعيد تطلب آجالها، وللموت تغدو الوالدات سخالها. وما نحن إلا كالركب. فمن ذي منهل قصد يبلغه دانيا، ومن ذي منزل شحط يلحقه متراخيا. مولاي يعلم أن الأعمار مقدرة لآمادها، والآجال مؤخرة لميعادها. فلا استزادة ولا استنقاص، ولا فوات ولا مناص. الآجال آماد مضروبة، وأنفاس محسوبة ولذلك استأثر الله بوجوب البقاء، وآثر لخلقه صلة الوجود بالفناء. الآجال بيد الله، فإذا شاء مدها بحكمة وافية، وإذا شاء قصرها بلطيفة خافية.
[في التسلية ببقاء الباقي عن الماضي]
نعمة الله في فلان عظيمة. قد جبرت الكسر، وأوجبت الصبر، وأقامت الظهر، وألزمت الشكر، والحمد لله الذي أولى كما ابتلى، واعطى بإزاء ما اقتضى. لئن كانت المصيبة بمصرع فلان عظيمة، لقد سدها الله من سيدي بأفضل خلف، لأمجد سلف، وأنجب فرع، لأكرم أصل. في بقاء مولاي مسلاة للجازع، واسوة للفجائع. يا لها من حادثة كارثة، وفجيعة فظيعة. لولا أن الله سد ببقائك ثلمها، وداوى بالدفاع عن حوبائك كلمها. في بقاء مولاي ما يلزم تخطي الأحزان، إلى شكر الله للإحسان. اللهم لا كفران فقد أبقيت من فلان من ضممت به شمل الأمم، وجلوت به وجه الكرم. قد أعان الله على الرزية، بحسن البقية، وسهل سبيل التسلية، بعظم المزية، وجعل الموهوب،