سفود. أنامله كالشبكة، في صيد السمك. يستكثر من الجوارشات المنقدة للسدد، المقوية للمعد، المشهية للطعام، المسهلة لسبل الانهضام. إذ هو في تناولها كالكاتب الذي يقط أقلامه، والجندي الذي يصقل حسامه. تسافر يده على الخوان، وتسفر بين الألوان، وتأخذ وجوه الرغفان، وترعى أرض الجيران. لما عكفنا على الخوان، أسرع في الرغفان، وكرع في الجفان، وفقأ أعين الألوان.
[في وصف مجالس الأنس وآلات اللهو]
مجلس نوره در، ونارنجه ذهب، ونرجسه دينار ودرهم، ويحملها زبرجد. عندنا أترج كأنه من خلقك خلق، ومن شمائلك سرق. ونارنج ككرات من سفن ذهبت، أو ثدي أبكار خلقت. مجلس أخذت فيه الأوتار تتجاوب، والأقداح تتناوب. أعلام الأنس خافقة، وألسن الملاهي ناطقة. مجلس قد فرش بساطه وبسط أنماطه، ومد سماطه، بين آس مخضود، وورد منضود، وناي وعود. نحن بين بدور، وكاسات تدور، قد نشأت غمامة الند، على بساط الورد. مجلس قد تفتحت فيه عيون النرجس، وفاحت مجامر الأترج، وفتقت فارات النارنج، ونطقت ألسن العيدان، وقامت خطباء الأوتار، وهبت رياح الأقداح، وطلعت كواكب الندمان، وامتدت سماء الند. مجلس من رآه حسب الجنان قد اصطفيت عيونها فجمعت في قدر من الأرض، وتخيرت فصوصها فنقلت إلى مطلع الأنس واللهو. قد فض اللهو ختامه، ونشر الأنس أعلامه. قد هبت للأنس ريح سحابها الأقداح، ورعودها الأوتار، ورياضها الأقمار. قد فرغنا للهو والدهر عنا في شغل. قد اقتعدنا غارب الأنس، وجرينا في ميدان اللهو. عمدنا لقداح اللهو فأجلناها، ولمراكب السرور فامتطيناها. قد امتطينا غوارب الأفراح، وقد حنا نار السرور بالأقداح.