للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللسان. هو للأنامل مطية، وعلى الكتابة معونة مرضية. نعم النجدة القلم. يقلم أظافير الدهر، فيملك الأقاليم بالنهي والأمر. إن أردت كان مسجوناً لا يمل الإسار، وإن شئت كان جواداً لا يعرف العثار. لا ينبو إذا نبت الصفاح، ولا يحجم إذا أحجمت اللقاح. القلم مطية تمشي براكبها رهوا، وتكسو الأنامل زهوا.

[في نعت السكين]

سكين كأن القدر سائقها، والأجل سابقها. مرهفة الصدر، مخطفة الخصر. يجول عليها فرند العتق، ويترقرق فيها ماء الجوهر. كأن المنية تبرق من حدها، والأجل يلمع في متنها. ركبت على نصاب أبنوس، كأن الحدق نفضت عليه صبغها، وحب القلوب كسته لباسها. أخذ لها حديدها الناصع بحظ من الروم، وضرب لها نصابها الحالك بسهم من الزنج. فكأنها ليل من تحت نهار، أو فحم أبدى سنا نار، ذات غرار ماض، وذباب قاض، ومنسر بازي، وجوهر هوائي، ونصاب زنجي، إن أرضيت ولت متناً كالدهان، وإن أسخطت اتقت بناب الأفعوان. سكين أحسن من التلاق، وأقطع من الفراق. تفعل فعل الأعداء، وتنفع نفع الأصدقاء. هي أمضى من القضاء المبرم، وأنفذ من القدر المتاح، وأقطع من ظبة الحسام، وألمع من البرق في الغمام. جمعت حسن المنظر، وكرم المخبر، فتملكت عنان القلب والبصر، ولم يحوجها عتق الجوهر، إلى إمهاء الحجر.

<<  <   >  >>