للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا مكن الثلم حتى سده، ولا نقل الإحسان حتى رده، ولا أوهن العقل حتى شده. قد كان الرزء أعظم من أن يوصف هدا للاركان، وإفاضة للأحزان، في كل قطر ومكان. إلا أن الله بلطفه كشف الظلمة، واحيا الأمة، وأنزل الرحمة، وحسم النقمة بعود مولانا إلى سرير سلطانه، واستقراره في عالي مكانه. لئن كانت المصيبة أصابت سويداء القلب، فقد تدارك الله العالم بما أقر سواد العين. يا لها من رزيئة ناحت لها السماء على الأرض، وأفل معها قمر الملك والمجد، حتى تلافى الله الملك بمولانا فأعاد به الشمل جميعا، والعاصي مطيعا، فقر الأمر قراره، ولزم فلك التدبير مداره.

استظهار المشاركة والمساهمة

أنا قاسم مولاي الهموم والمسار، وأساهمه المكاره والمحاب. فلا يعرض له ما يشغل فكره إلا أزعج قلبي، كما لا يتفق عنده ما يشرح صدره إلا وفر أنسي. قد شاركت سيدي في المصيبة مشاركة من لا يتميز عنه في منحه ومحنه، وسروره وحزنه. كتابي وأنا لا أعلم أعزيك أم نفسي فليس المصاب عندك بأعظم منه عندي. أنا وإن كنت أقاسمك المسار، وأساهمك المضار، فإني لا أحاسب الأيام إذا تخطتك، ولا أناقش سهامها إذا أخطأتك. لئن فقدت من فلان أباً وعما. لقد أوفيت عليك أسفا، وعليه هما. أنا أقاسمك مصارف الأحوال ومجاريها، وعوائد الأيام وعواديها، فآخذ مما شرح صدرك بحظ المبتهج، ومما شغل قلبك بقسط المنزعج. قد تحملت لمشاركتك أثقالاً من الوحشة تنقص الصبر، وتنقض الظهر، وما أعزيك إلا والعزاء لي معجز، ولا أسليك إلا والسلو عندي معوز، لاشتراكنا في الأفراح والأحزان، وتعادل أقساطنا من الزيادة والنقصان.

عظات التعزية

لا مصيبة مع الإيمان، ولا معزي مع القرآن، وكفى بكتاب الله معزيا،

<<  <   >  >>