عرفنا ترتيب الآية وهيكلها لكن ننظر الآن كيف استعملها؟ لو لاحظنا قال (يعلم ما يلج في الأرض) لم يقل يعلم ما يولِج في الأرض (يلج بمعنى يدخل) أي يعلم ما يولجه هو، الله تعالى من قدرته أنه يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل إنما قال (يلج) أي يدخل، من حيث العلم عادةً الشخص الفرد يعلم ما يفعله هو ولو قال يولج لكان طبيعياً أنه يعلم ما يفعله هو وما يولجه هو، هذه قدرة (يولج) وتلك علم (يلج) لكن لما قال (يلج) فهذا يدل على العلم، هو ما قال يعلم ما يولِج لأنه قطعاً هو يولِج فهو يعلم لكنه قال (يلج) هذا يدل على العلم. وقال (وما يخرج) وما قال وما يُخرِج وقال وما ينزل ما قال وما يُنزِل وقال وما يعرج ولم يقل وما يُعرِج وهذا يدل على العلم فقال ما يدل على العلم هذا أمر. والأمر الآخر قدّم تعالى ما يتعلق بالأرض على ما يتعلق بالسماء (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا) لأن الكلام على أهل الأرض (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ) إذن لما كان الكلام على أهل الأرض يتكلم عن مسكنهم لما قال (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) يتكلم عن الأرض فيبدأ بأهل الأرض. مع أنه قال (خلق السموات والأرض) قدّم السموات هنا لأن خلق السموات أسبق. لكن هنا يتكلم عن العلم فقدّم الأرض.