وق قال:(أموالكم وأولادكم) لاحتمل أن النهي عن الجمع بينهما، فلو لم يجمع بينهما جاز، فلو انشغل بالمال وحده جاز، أو انشغل بالأولاد وحدهم جاز، وهو غير مراد. إذ المراد عدم الانشغال بأي واحد منهما على سبيل الانفراد أو الاجتماع.
٤ـ قدم ألأموال على الأولاد لأن الأموال تلهي أكثر من الأولاد، فإن الانشغال فيها وفي تنميتها يستدعي وقتاً طويلاً وقد ينشغل المرء بها عن أهله، فلا يراهم إلا لماماً فقدم الأموال لذلك.
٥ـ قدم المفضول على الفاضل، فالأولاد أفضل من الأولاد لأن المال، إنما يكون في خدمتهم ويترك لهم وذلك لأكثر من سبب.
منها: أن المقام مقام إلهاء كما ذكرنا فاستدعى تقديهما.
ومنها: أن المقام يقتضي ذلك من جهة أخرى، فغن هذا التقديم نظير التقديم في الآية اللاحقة من تقديم المفضول وهو قوله:(فأصدق وأكن من الصالحين) فقدم الصدقة على كونه من الصالحين.
ولما قدم النهي عن الإلتهاء بالمال قدم الصدقة. والصدقة إنما هي إخراج للمال من اليد والقلب، والالتهاء غنما هو انشغال به بالقلب والوقت والجارحة.
ولما قال:(عن ذكر الله) قال: (وأكن من الصالحين) لأن المنشغل عن الفرائض وذكر الله ليس من الصالحين. فهو تناظر جميل.
لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم ... فأصدق.
عن ذكر الله..... وأكن منم الصالحين
والملاحظ أنه حيث اجتمع المال والولد في القرآن الكريم، قدم المال على الولد إلا في موطن واحد، وذلك نحو قوله تعالى:
(شغلتنا أموالنا وأهلونا)[الفتح] وقوله: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا)[الكهف] وقوله: (وجعلت له مالا ممدوداً وبنين شهوداً)[المدثر] ، ونحو ذلك، لأن المال في هذه المواطن أدعى إلى التقديم، إما لأن الانشغال به أكثر كما ذكرنا، أو لأنه أدعى إلى الزينة والتفاخر وما إلى ذلك من المواطن التي تقتضي تقديم الأموال.
أما المواطن الذي قدم فيه الولد على المال، فهو قوله تعالى: