وفي تحديدنا لهذه المعاني للجمل يجب مراعاة ما يريد المتكلم البليغ هل يريد الاحتمال أو القطع. فالذي يريد الاحتمال له غرض من إرادة الاحتمال والذي يريد القطع له غرض من إرادة القطع وهنا تتفاوت البلاغة فالمتكلم البليغ يختار الجملة التي تؤدي المعنى الذي يريده. فالسياق لا يمكن أن يؤدي إلى بيان المقصود لأن المقصود قد يكون هو الاحتمال بحد ذاته في القرآن يحذف حرف الجر وقد يكون هناك أربع احتمالات ومع هذا حذف الحرف لأن هذا ما أراده الله تعالى.
قوله (وما خلق الذكر والأنثى -)
ما المراد بالذكر والأنثى هنا؟
قسم من المفسرين قالوا إن الذكر هنا هو الجنس البشري وقسم آخر قال انه كل ذكر أو أنثى من المخلوقات جميعاً بلا تحديد وهذا الذي يبدو على الأرجح لأن سياق الآيات كلها في هذه السورة في العموم والله اعلم.
قوله:(إن سعيكم لشتى -)
ما علاقة القسم (والليل إذا يغشى ... ) بهذا الجواب؟
منذ بداية السورة أقسم الله تعالى بأشياء متضادة: يغشى، يتجلى، الذكر، الأنثى، الليل، النهار فجواب القسم شتى يعني متباين لأن سعينا متباين ومتضاد فمنا من يعمل للجنة ومنا من يعمل للنار فكما أن الأشياء متضادة فان أعمالنا مختلفة ومتباينة ومن هذا نلاحظ أنه سبحانه أقسم بهذه الأشياء على اختلاف السعي (إن سعيكم لشتى) واختلاف الأوقات (الليل والنهار) واختلاف الساعين (الذكر والأنثى) واختلاف الحالة (يغشى وتجلى) واختلاف مصير الساعين (فأما من أعطى ... وإما من بخل واستغنى)
قوله:(والليل إذا يغشى - والنهار إذا تجلى - وما خلق الذكر والأنثى -)