في الآية ذكر الله تعالى أن الذي بخل، بخل بماله واستغنى من الغنى فلما بخل ذكر (ما يغني عنه ماله) و (ما يغني عنه ماله) وضع المفسرون لها احتمالين: الأول أن تكون نافية والثاني أن تكون استفهامية ومن باب التقريع والتوبيخ. ويسمى هذا في اللغة من باب الاتساع في المعنى، فلو أراد تعالى بالآية معنى الاستفهام لقال تعالى:(ماذا يغني عنه ماله) ولو أراد النفي لقال تعالى: (لم يغني عنه ماله) وإنما جاء سبحانه وتعالى بلفظ يتسع للمعنيين وهو يريدهما معا فكأنما يريد القول ماذا يغني عنه ماله ولم يغني عنه ماله، أي يريد الاستفهام للتوبيخ والتقريع والنفي أيضاً ولهذا يضع سبحانه وتعالى جملة فيها اتساع في المعنى وهذا الأسلوب يتكرر في القرآن فقد يستعمل سبحانه وتعالى ألفاظاً تحتمل معاني عدة قد تصل إلى أربع أو خمس معاني للفظ الواحد وهذا من البلاغة التامة حتى لا تتكرر الآية بمعنى مختلف في كل مرة وإنما يؤتى بها بلفظ معين يتسع لكل المعاني المقصودة. وهذا لا يعني تناقضاً أو عدم تحديد في القرآن كما قد يتبادر إلى أذهان المستشرقين لأن الله تعالى عندما يريد التقييد يأتي بحرف أو كلمة محددة تفيد المعنى المراد كما في قوله سبحانه:(اذكروا الله ذكراً كثيرا) فقد حدد هنا الذكر الكثير وفي موضع آخر (واذكروا الله كثيراً) لم يرد التقييد ولم يحدد إنما أطلق المعنى.