فالقاعدة أن ننظر ماذا يريد المتكلم البليغ، هل يريد التحديد فهو يحدد. في الآية الكريمة:(ولا تشركوا به شيئا) سورة النساء، آية ٣٦، فيها إطلاق والآية:(ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) فيها تخصيص. في الآية الأولى لا ندري ما المقصود بـ (شيئا) هل شيئا من الأشياء التي يشرك بها كالأصنام أو الأشخاص أو غيره أو المقصود شيئا من الشرك (شرك أعلى أو شرك أصغر) ولو أراد أن يخصص لقال كما في الآية (ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) سورة الكهف، آية ١١٠، أحدا هنا لا تحتمل غير معناها لأنها محددة. لذا فإن الآية (ولا تشركوا به شيئا) تحتمل المعنيين والمراد منها أن لا نشرك بالله شيئا من الشرك أو شيئا من الأشياء كالأصنام والبشر وهذا يسمى اتساع في المعنى. مثال آخر في الآية:(فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا) سورة النساء، آية ١٦٠، هل المعنى خلقا كثيرا أو صدا كثيرا أو زمنا كثيرا؟ إنها كل هذه المعاني الصد الكثير والخلق الكثير والوقت الكثير ولو أراد سبحانه أحد هذه المعاني فقط لجاء بلفظ يدل على المعنى المطلوب ولحدد وخصص.
ما الحكم البياني في استخدام (إذا) بدلا عن (إن) : (وما يغني عنه ماله إن تردى) بدل (وما يغني عنه ماله إذا تردى) ؟
إذا في كلام العرب تستعمل:
· للمقطوع بحصوله كما في الآية:(إذا حضر أحدكم الموت) ولا بد أن يحضر الموت، (فإذا انسلخ الأشهر الحرم) ولا بد للأشهر الحرم من أن تنسلخ، وقوله تعالى:(وترى الشمس إذا طلعت) ولا بد للشمس من أن تطلع وكقوله: (فإذا قضيت الصلاة) ولا بد للصلاة أن تنقضي.
· وللكثير الحصول كما في قوله تعالى:(إذا قمتم إلى الصلاة..) و (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) تفيد الحدوث الكثير.