للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الذكر من باب التكريم والحذف من باب التكريم أيضاً. لم يقل الله تعالى قلاك لرسوله الكريم حتى لا ينسب الجفاء للرسول - صلى الله عليه وسلم - فلا يقال للذي نحب ونجل ما أهنتك ولا شتمتك إنما من باب أدب المخاطبة يقال ما أهنت وما شتمت فيحذف المفعول به إكراماً للشخص المخاطب وتقديرا لمنزلته وترفع عن ذكر ما يشينه ولو كان بالنفي.

أما التوديع فالذكر فيه تكريم للمخاطب فيحسن ذكر المفعول مع أفعال التكريم وحذفه مع أفعال السوء ولو بالنفي. وهكذا يوجه الله تعالى المسلمين لأدب الكلام ويعلمنا كيف نخاطب الذين نجلهم ونحترمهم. ولقد جمعت هذه الآية التكريم للرسول من ربه مرتين مرة بذكر المفعول مع فعل التوديع ومرة بحذف المفعول مع الفعل قلى.

فلماذا قال تعالى " ربك " ولم يقل " الله "؟

هنا تكريم آخر من الله تعالى لرسوله الكريم. فالرب هو المربي والموجه والقيم. وذكر الفاعل وهو الرب إكرام آخر فلم يقل لم تودع ولم تقلى. والرب هو القيم على الأمر فكيف يودعك وهو ربك لا يمكن أن يودع الرب عبده كما لا يمكن لرب البيت أن يودعه ويتركه ورب الشيء لا يودعه ولا يتركه وإنما يرعاه ويحرص عليه. واختيار كلمة الرب بدل كلمة الله لأن لفظ الجلالة الله كلمة عامة للناس جميعا ولكن كلمة الرب لها خصوصية وهذا يحمل التطمين للرسول الكريم من ربه الذي يرعاه ولا يمكن أن يودعه أو يتركه أبداً.

- قوله (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى)

اختلف المفسرون في معنى كلمة الآخرة فمنهم من قال: إنها ما هو غير الدنيا بمعنى الدار الآخرة. وقسم قال انها كل ما يستقبل من الحياة على العموم كما جاء في قوله تعالى (فإذا جاء وعد الآخرة ... ) الآخرة هنا ليست في القيامة

<<  <   >  >>