وقد حاول المستشرقون أن ينتقدوا القصة في القرآن الكريم فقالوا إنه في قصة موسى - عليه السلام - وردت ١١ آية (وأخي هارون هو أفصح مني لسانا) فقالوا أنه لو اجتمعت الإنس والجنّ فهم قادرون على أن يأتوا بمثل القرآن ولكنهم جهلوا أن القصة الواحدة في القرآن قد يُعبّر عنها بصور مختلفة لكن اختيار الصورة المعجزة هو اختيار القرآن الكريم وهناك شاعر أمثل من شاعر وقد يعبّرون جميعاً عن نفس المعنى ونفس المشهد. وقد يُصاغ المشهد الواحد بعدة تعبيرات ولكنها ليست كلها بنفس درجة البلاغة والفنّ. ففي قصة موسى - عليه السلام - قد يكتب فيها الكثيرون ولكن ليست كل هذه الكتابات متماثلة من حيث البلاغة والفنّ. فالقرآن لا يمكن أن يدانيه أحد من ناحية البلاغة واللغة والفن وكل تعبير يمكن أن يؤدّى بتعبير آخر فالقرآن فيه معجز وكذلك تحدّى القرآن المشركين أن يأتوا بسورة واحدة ولو كانت قصيرة مثل الكوثر. فلا يمكن صياغة سورة مثل سور القرآن الكريم حتى لو كان المحتوى فالقرآن معجز في هذا وسورة الكوثر وهي من ثلاث آيات فقط فيها من البلاغة والإختيارات العجيبة في التعبير (كما في اللمسات البيانية في سورة الكوثر) .
فالمسألة إذن ليست مسألة قال هذا أو ذاك ولكنها ترجمة لما قال موسى - عليه السلام - فهو لمّا دعا ربّه دعاه بكلمات عرفها الله تعالى لأن موسى كان في لسانه عجمة (ولا يكاد يُبين) كما جاء على لسان فرعون والدليل قول موسى (هو أفصح مني لساناً) لما دعا ربه بأن يرسل معه هارون أخوه ولو قال هذا الدعاء شخص آخر لقاله بصيغة مختلفة، وهكذا صيغت العبارات في القرآن الكريم بكلام معجز وهي ترجمة دقيقة لما قاله موسى وإبراهيم - عليه السلام - وغيره من الأنبياء، حتى النقاش بين الرسل وقومهم كما حصل بين موسى وفرعون هي ترجمات دقيقة فنية لما حصل.