ومن ذلك قوله تعالى في سورة الرعد (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ {٢٧} ) من فاعل المشيئة؟ الله تعالى أم المخلوق؟ تحتمل أن يكون المعنى يضل من يشاء فيبقيه على ضلاله ويهدي من يشاء فييسر له طريق الهداية ويحتمل أن يكون المعنى من يشاء الله أن يضله ويهدي إليه من أناب تحتمل (من يشاء) المعنيين والله تعالى يقول للشيء إذا أراده كن فيكون.
وكذلك قوله تعالى في سورة غافر (الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ {٣٥} ) ما المقصود بقوله تعالى (على كل قلب) هل المقصود على قلب كل متكبر جبار (اي قلوب المتكبرين جميعا) أو على كل قلب المتكبر الجبار؟ لو أراد أحد هذين المعنيين لقال تعالى "على قلب كل متكبر جبار" وإنما قال (على كل قلب متكبر جبار) والمراد هنا معنيين أحدهما يطبع الله تعالى على كل القلب فلا يترك من القلب شيئاً ويطبع على قلوب كل المتكبرين الجبارين.