للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويمضي في ذكر منته عليه ولم يرد مثل ذلك في النمل، ولا في القصص. فإنه لم يذكر توجيها له أو إرشادا لعبادته في النمل، ولا في القصص فلم يأمره بعبادة أو صلاة أو تكليف خاص بشأنه. ثم إنه في سورة القصص وإن كان قد فصّل في ذكر ولادته ونشأته وما إلى ذلك فقد ذكرها في حالة الغيبة لا في حالة الخطاب: "وأوحينا إلى أمّ موسَى أَنْ أَرْضِعيهِ" "إنْ كادَتْ لَتُبدي به.. فرددناه إلى أمه.. ولمّا بلَغَ أشُدّه.. ودَخَل المَدينةَ.. "

في حين كان الكلام في سورة طه بصورة الخطاب. فناسب أن يقول له في طه: "أنا ربّك" بخلاف ما في النمل والقصص، والله أعلم.

? قال في النمل: "وَأَلْقِ عَصاكَ" وقال في القصص: "وأنْ ألْقِ عَصاكَ"

فجاء بـ (أن) المفسرة أو المصدرية. ونظيره ما مر في قوله: (يا موسى) و (أن يا موسى)

فقوله: "وأَلْقِ عَصاك" قول مباشر من رب العزة، وهو دال على التكريم.

وأما قوله: "وأنْ ألْقِ عَصاك" فإنه معناه أنه ناداه بما تفسيره هذا أو بما معناه هذا. فأنت إذا قلت: (ناديته أن اذهب) كان المعنى ناديته بالذهاب. فقد يكون النداء بها اللفظ أو بغيره بخلاف قولك: (ناديته اذهب) ، أي: قلت له اذهب.

وهو نحو ما ذكرناه في قوله: (يا موسى) و (أن يا موسى) من أسباب ودواعٍ فلا داعي لتكرارها.

? قال في النمل: "يا موسَى لا تَخَفْ" وقال في القصص: "يا موسَى أقْبِلْ وَلا تَخَفْ"

بزيادة (أقبل) على ما في النمل، وذلك له أ: ثر من سبب.

منها: أن مقام الإيجاز في النمل يستدعي عدم الإطالة بخلاف مقام التفصيل في القصص.

ومنها أن شيوع جو الخوف في القصص يدل على إيغال موسى في الهرب، فدعاه إلى الإقبال وعدم الخوف.

فوضع كل تعبير في مكانه الذي هو أليق به.

? قال في النمل: "إنّي لا يَخافُ لَدَيّ المُرْسَلونَ" وقال في القصص: "إنّكَ مِنَ الآمِنينَ"

ذلك أن المقام في سورة القصص مقام الخوف، والخائف يحتاج إلى الأمن فأمنه قائلا: "إنّكَ مِنَ الآمِنينَ"

<<  <   >  >>