للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وإنما ذكرت هذه الحكايات لتعلم أن الذي أنكر عليه إنما هو المجون ١ فأما الانحراف عن رسم أهل الصدق فلا".

قال: وقرأت بخط/ (ي ٢٤٢) أبي الفضل الهاشمي: "مات أبو تراب الأعمشي في ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة".

قلت: فإذا كان هذا حال هذا الرجل، فلا ينبغي إطلاق التهمة عليه أصلا، حتى ولو قلدنا أبا علي الحافظ فيه، فإنما أشار إلى أنه أنكر عليه أحاديث وهم فيها، فراجعه الحاكم بأنها لو كانت وهما ما عاود٢ روايتها٣ مرارا مع تيقظه وضبطه/ (?١٤٤/أ) فوضح أنه لم يتهم بكذب أصلا ورأسا - والله أعلم -.

وفي الجملة اللفظة المنكرة في الحكاية عن البخاري هي أنه قال: "لا أعلم في الباب غير هذا الحديث" وهي من الحاكم في حال كتابته في علوم الحديث كما قدمناه (في كتب أحد عشرة فيها) ٤ وقد بينا أن الصواب أن البخاري إنما قال: " لا أعلم في الدنيا بهذا الإسناد غير هذا الحديث وهو كلام مستقيم" - والله أعلم -.

١١٠- قوله (ص) : "وكثيرا ما يعللون الموصول بالمرسل٥...." إلى آخره.

أقول: ليس هذا من قبيل المعلول على اصطلاحه- وإن كانت علة في الجملة- إذ المعلول على اصطلاحه مقيد بالخفاء والإرسال أو الانقطاع / (ب ص ٢٨٨) ليست علتها بخفية٦.


١ يريد به المزح.
٢ في (ب) "ما قاد".
٣ في (هـ) رواتها.
٤ ما بين القوسين هكذا في كل النسخ.
٥ مقدمة ابن الصلاح ص٨٢ وبقية كلامه: " مثل أن يجيء الحديث بإسناد موصول ويجيء أيضا بإسناد منقطع أقوى من إسناد الموصول".
٦ الذي يظهر أن اعتراض الحافظ على ابن الصلاح غير سليم وذلك أن ابن الصلاح قال بعد كلامه السابق "ولهذا اشتملت كتب علل الحديث على جمع طرقه، قال الخطيب أبو بكر: السبيل إلى معرفة علة الحديث أن يجمع بين طرقه وينظر في اختلاف رواته ويعتبر بمكانهم من الحفظ ومنزلتهم من الإتقان والضبط. وروى عن علي بن المديني قال: الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه، فحكاية ابن الصلاح لهذا الكلام إنما هو لبيان المسالك التي يتبعها علماء الحديث لاكتشاف العلل التي لا تظهر وتبين إلا بعد جمع الطرق والنظر في اختلاف الرواة، ولا يكون ذلك إلا فيما اعتراه الغموض والخفاء فابن الصلاح في نظري لم يخالف اصطلاحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>