للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" وإذا نزل به " أي نزل به ملك الموت، فأخذ بالاحتضار، فإنه يسن تعاهده ببل حلقه بماء أو شراب وتندى شفتيه بقطنة، وذلك ليهون عليه ذلك شدة النزع الواقع فيه.

فيستحب أن يبل حلقه: إما أن يكون بشرب جرعة ماء أو بأن يقطر الماء في حلقه أو بأن يبل الشفتين ليسهل عليه ما هو فيه من النزع والشدة.

وقد ثبت في البخاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عنده - عند احتضاره - ركوة فيها ماء، فكان يضع يده فيها فيمسح بها على وجهه ويقول: (لا إله إلا الله إن للموت لسكرات) (١)

" بقطنة ": ونحوها، فليس المقصود القطنة بالخصوص.

قال: (وتلقينه لا إله إلا الله)

أي ويسن أن يلقن " لا إله إلا الله "

وينبغي أن يكون الملقن ممن يكون للميت له قبول وبينهما مودة مما هو مظنة لقبول كلامه لئلا يتضجر من قول هذا القائل فيمتنع من قولها فهو في شدة، فيكرر عنده قول " لا إله إلا الله " ويكرر ذلك حتى يقولها المحتضر.

وكرهوا أن يقول له: " قل لا إله إلا الله "؛ لئلا يتضجر من ذلك ويمتنع، وإنما يكون ذلك على سبيل الإشارة فيكررها عنده حتى يقولها.

ودليل استحباب التلقين، ما ثبت في مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله) (٢) .

وأما دليل كراهية الأمر بذلك فهو خشية التضجر والامتناع مما هو واقع فيه من الشدة.

لكن إن لم يخش عليه ذلك وعلم منه أنه لا يكره ذلك وإن كان في سكرات الموت فإنه لا حرج في أن يقال له: قل " لا إله إلا الله ".


(١) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب (٤٢) سكرات الموت (٦٥١٠) ، وانظر (٨٩٠) ، وأخرجه مسلم (٢٤٤٣) .
(٢) أخرجه مسلم في بداية كتاب الجنائز، باب (١) تقلين الموتى لا إله إلا الله (٩١٦) .